سورة النساء
  {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧٠} فهو غني عنكم غير محتاج لإيمانكم، فهو مالك السماوات والأرض، وقد اقتضت حكمة الله وعلمه أن يبعث رسله À إلى الناس ليدعوهم إلى عبادة الله وحده والالتزام بطاعته وتقواه، وجعل تعالى بعلمه وحكمته هذا التكليف مبنياً على الاختيار فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
  {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا(١) فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}(٢) هؤلاء هم النصارى، قالوا إن عيسى ابن الله غلواً فيه إذ جعلوه في درجة الربوبية، فنهاهم الله عن ذلك.
  {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} هذا رد من الله تعالى عليهم بأنه ليس برب، وإنما هو رسول من عند الله فلا ترفعوا منزلته إلى منزلة لا يستحقها.
  {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}(٣) خلق الله عيسى بأمره ومشيئته من غير أب إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
(١) سؤال: هل الغلو في الدين الزيادة فيه فيدخل في ذلك كل من ابتدع بدعة ليست من دين الله؟
الجواب: الغلو هو: مجاوزة الحد في الأمر، فعلى هذا ليست البدعة من الغلو، وللتوضيح: فعيسى بشر خلقه الله من غير أب وجعله نبياً وجعله مباركاً ... فتجاوزت النصارى هذا الحد الذي جعله الله تعالى عليه وسموه رباً، وقال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}[المدثر]، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة: ٢٨٦]، {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ...} السورة، فقول من قال: إن الصحابة جميعاً من أهل الجنة وإن فعلوا ما فعلوا هو غلو حيث تجاوزوا بالصحابة الحد الذي حده الله في كتابه المجيد.
(٢) سؤال: هل الاستثناء مفرغ في قوله: {إِلَّا الْحَقَّ}؟
الجواب: هو مفرغ.
(٣) سؤال: ما معنى أنه كلمة الله ألقاها إلى مريم؟
الجواب: المعنى أن الله تعالى خلقه بكلمة من الله وهي «كن»، وفي الواقع أن هذا تصوير لنفوذ إرادة الله ومشيئته، فإذا أراد تعالى تكوين شيء كان من غير واسطة كلمة أو كلام.