محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المائدة

صفحة 463 - الجزء 1

  {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} فكفارة هذه اليمين المعقودة إطعام عشرة مساكين في كل يوم وجبتين، أو إعطاء كل مسكين نصف صاع من بر⁣(⁣١) بدلاً عن الوجبتين.

  {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وهو وجبتان لكل مسكين، ويكون من أفضل ما تطعمون أهليكم⁣(⁣٢)، وإن أراد تمليكهم أعطى كل واحد نصف الثماني براً


= من المرء من غير قصد إلى اليمين، وإنما تجري على لسانه تبعاً للهجته التي نشأ عليها؟

الجواب: هو قول وجيه لصدورها عن غير قصد وعزم إلى الحلف، ولا يصح أن ندخلها في اليمين المعقدة؛ لأن المعقدة هي الصادرة عن عزم وتصميم ونية على فعل أو ترك أمر مستقبل، وليس صدور ما ذكر عن قصد ونية.

سؤال: ظاهر الآية أن اللغو خلاف المعقدة، وقد يكون من يحلف: «إن زيداً في البيت» مثلاً معقداً جازماً بيمينه، فكيف؟

الجواب: اليمين المعقدة هي - كما يظهر - التي يصح فيها البر والحنث، وعلى هذا فمن حلف: إن زيداً في البيت، ثم انكشف أنه ليس في البيت، فتكون اليمين حينئذ مترددة بين الغموس واللغو، فإن كان متعمداً للكذب في يمينه فهي غموس، وإن لم يتعمد الكذب بل حلف معتقداً أنه في البيت فانكشف خلافه فهي لغو، ولا يمكن فيها البر والحنث. والدليل على ما ذكرنا في تعريف المعقدة قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ ...} الآية، وذلك بدلالة الإشارة وما تفيده الفاء من التعقيب.

سؤال: من أين أخذت اليمين الغموس؟

الجواب: أخذت من السنة.

(١) أو صاع من غيره. ونصف الصاع ربع قوبة، أو نصف الثماني على التقدير الصعدي.

(٢) سؤال: هل مرادكم أن الأوسط بمعنى الأفضل؟ فقد روي أن أوسطه بمعنى المتوسط: «وأوسطه البر، وأعلاه اللحم»؟

الجواب: الأوسط هو الأفضل، وأيضاً المتوسط بين الأعلى والأدنى، وقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}⁣[آل عمران: ٩٢]، يصدق على الأفضل وعلى المتوسط بين الأفضل والأدنى، والظاهر أن إطلاق الأوسط على الأمرين هو حقيقة؛ لذلك فالأولى والأرجح هو إخراج الأعلى في الكفارات للاحتياط، وهذا عند إطعام المساكين الطعام المصنوع، فأما إخراج الحب فقد جاءت السنة بتقدير القدر الواجب لكل مسكين.