سورة المائدة
  والأزلام: هي التي كانوا يستقسمون بها، وقد تقدم تفسيره في أول هذه السورة.
  والمراد بقوله: {فَاجْتَنِبُوهُ}(١) أي: الخمر.
  {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} يبين الله هنا الحكمة في تحريم الخمر والميسر فذكر تعالى أنهما سبب لإثارة العداوة والبغضاء، فإذا حصلت العداوة والبغضاء حصل الفتك وسفك الدماء وفساد الحرث والنسل وضاع الأمن، وفسدت الحياة الدنيا.
  {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ٩١} وتسبب الخمر والميسر أيضاً في إبعادكم عن ذكر الله وعن الصلاة فانتهوا أيها المؤمنون عن الخمر والميسر، وكانت هذه هي الآية الثالثة في تحريم الخمر البتةَ؛ لأن تحريمه في الآية الثانية كان حال الصلاة، فنهاهم عن الصلاة حال السكر.
  {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}(٢) سأل أناس النبي ÷ فقالوا له: يا رسول الله، كيف بإخواننا الذين ماتوا في بدر مثلاً وهي في بطونهم؟ فأنزل الله بيان رفع الجناح عنهم إذا كانوا من
(١) سؤال: وهل يصح أن يحمل الضمير في {فَاجْتَنِبُوهُ} على الرجس ليوافق الظاهر ويحمل على الجميع؟
الجواب: يجوز أن يرجع إلى الرجس وهو أولى من عوده على مقدر نحو تعاطي الخمر والميسر و ... إلخ.
(٢) سؤال: ما إعراب «ما» في قوله: {إِذَا مَا اتَّقَوْا}؟ وهل هناك سر في المخالفة بين قوله: {ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا}، وقوله: {ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا}؟
الجواب: تعرب «ما» صلة وفائدتها التوكيد، والسر في التكرير هو بيان لزوم الاستمرار على الإيمان والتقوى، والتنبيه على أن لا يُخِلُّوا بالإيمان والتقوى فيما يستقبلون من الأوقات، ثم تنبيههم على أن يتزودوا مع ذلك بنوافل الطاعات المقربة إلى الله.