سورة المائدة
  أهل التقوى والإيمان، واستمروا على التقوى والإيمان والاستقامة والأعمال الصالحة، والمراد بقوله: {فِيمَا طَعِمُوا} فيما مضى من شربهم الخمر قبل أن ينزل التحريم.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}(١) كان العرب أهل صيد، وكانوا مولعين به، وكانت متعتهم فيه؛ فابتلاهم الله بتحريم الصيد عليهم حال الإحرام، وأخبرهم بهذه المقدمات؛ لئلا يتورطوا عند إحرامهم بالحج؛ لأنها ستكون سهلة المنال اختباراً من الله لهم في الحرم وحال الإحرام، وذلك مثل ما ابتلى الله أصحاب السبت ليظهر المتقي من غيره، وهذا معنى قوله: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}، وقد دعا النبي ÷ جميع المسلمين في ذلك العام للحج ليعلمهم مناسكه وكيفيته.
  {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٩٤} أي: بعدما أخبره الله تعالى وأنذره ونهاه عنه.
(١) سؤال: ما معنى الباء في قوله: {بِالْغَيْبِ}؟
الجواب: الباء هنا بمعنى «في» أي: في الغيب، وبالغيب: متعلق بمحذوف حال إما من ضمير الفاعل، أو من ضمير المفعول.
سؤال: قد يقال بأن الله عالم من قبل، فلماذا قال: {لِيَعْلَمَ}؟
الجواب: نقول: إن الله تعالى عليم بما سيفعله كل مكلف في مستقبل الزمان، فإذا فعل المكلف الفعل علم الله أنه فعله، والجزاء لا يكون إلا على ما وقع من المكلف من فعل أو ترك، والمعنى: ليظهر أهل الخوف من الله بأعمالهم، وليظهر أهل النفاق بأعمالهم.
سؤال: لم تنص هذه الآية على أن الصيد في الحرم، فهل هي مطلقة مقيدة بنحو الآية التي بعدها، أم كيف؟
الجواب: ولو لم تنص الآية على أن البلوى للمحرم، فقد دلت على المحرم والإحرام بذكر الصيد الذي تناله أيديهم ورماحهم، من حيث أنه مقرر في أذهانهم أن تحريم الاصطياد إنما هو للمحرم، وأما غيره فهو مباح له.