سورة المائدة
  وكذلك الشهر الحرام جعله الله قياماً للناس؛ لما يحصل فيه من الأمن والأمان، وما يحصل للخائف من الأمن فيه من مصالح التجارة والضرب في الأرض لطلب الرزق.
  {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٩٧}(١) ما يحصل لكم من المصالح هذه، وما اطلعتم عليه فيه، وما يحصل لكم من المنافع الدينية والدنيوية - تعلمون من خلاله أن الله حكيم عليم لم يشرع لكم من الدين إلا ما فيه قيام منافعكم ومصالحكم الدينية والدنيوية.
  {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٩٨} أخبركم الله بتعاليمه؛ فاعلموا أنكم إذا تجاوزتموها فإن الله شديد العقاب وسيعاقبكم، وإذا استجبتم وعملتم بما أرشدكم إليه فهو غفور رحيم، فكونوا على حذر من أن يلحقكم الله تعالى بعذابه، وبادروا إلى العمل بأسباب الفوز والظفر بمغفرته ورحمته.
  {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} وليس على الرسول ÷ إلا تبليغكم فقط، وليس عليه منعكم من المعاصي، ولا إدخالكم في الطاعات.
  {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ٩٩} والله سبحانه هو الذي سيجازيكم، فهو عالم بما أسررتم وما أعلنتم.
  {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ١٠٠} الخبيث هو الكفر وأهله، والطيب هو الإيمان وأهله؛ فلا تميلوا إلى الخبيث وأهله، وتوجهوا إلى الطيب وأهله، ولا تفتتنوا بكثرة الخبيث وأهله، وضعف الطيب وأهله وقلتهم.
  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا
(١) سؤال: هل يصح أن يستدل بهذه الآية على إثبات أن الله عالم؟
الجواب: يصح الاستدلال على علم الله وحكمته بأفعاله المحكمة، ومنها ما شرع لعباده من الأحكام التي تظهر عليها آيات علم شارعها وحكمته.