محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة المائدة

صفحة 477 - الجزء 1

  {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ}⁣(⁣١) إذا شككتم في صدق شهادتهما على الوصية فحلفوهما {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ١٠٦}⁣(⁣٢) يكون تحليفهم على هذا، وأنهم سيقولون الحق.

  هذا، وإنما يجب الإشهاد إذا خاف الموصي أن يضيع الحق، وأما إذا كان هناك من ينفذ الوصية ويؤدي الحقوق التي عليه، أو لم يكن عليه شيء أو هو عالم أنهم سينفذونها بدون إشهاد - فلا يلزمه.

  {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} إذا انكشف أن هؤلاء الشهود⁣(⁣٣) لم يشهدوا بالحق، وكتموا وخانوا - فليقم شاهدان من أهل الميت يحلفان بالله: أن الشاهدين


(١) سؤال: هل مرادكم أن قوله: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} في محل نصب مقول قول محذوف تقديره: قائلين أم ماذا؟ وهل يصح فيه أن يكون معترضاً بين القسم وقوله: {لَا نَشْتَرِي

الجواب: قوله: «إن ارتبتم» أي: إن شككتم في صحة شهادة الشاهدين فيقسمان أما إذا لم ترتابوا فلا حاجة لحبسهما وتحليفهما؛ لأن ذلك لا يكون إلا عند حصول التهمة والريبة، وليس هناك قول مقدر. وهذا الشرط قيد معترض بين فعل القسم وجوابه.

(٢) سؤال: ما معنى: {لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى

الجواب: المعنى: لا نطلب بيمين الله عرضاً من أعراض الدنيا ولو كان من نشهد له ونحلف من ذوي قرابتنا.

(٣) سؤال: هل المراد عموم الشهود سواء من المؤمنين أو من أهل الكتاب؟

الجواب: الأصل أن الشهود متهمون بالخيانة وأخذ شيء من مال الميت الذي أوصى إليهما، فهم حينئذ مدعى عليهم، ولم يكن لأولياء الميت بينة، فحكم الله في هذه الآية باليمين على المتهمين بالخيانة «الشهود»، ثم حكم الله بعد ذلك باليمين على المدعين، ولكن بشرط أن تظهر أمارات كذب المتهمين، وذلك نحو أن يوجد ما حلفوا عليه بأيديهما بعدما حلفوا أنهم ما أخذوه، وتظهر أمارات أنه نفس المال الذي حلفوا عليه وأنكروه، فإن الأمارات إذا قويت تقوي جانب المدعي، وتضعف جانب المدعى عليه بحيث يكون المدعي أولى بظاهر الملك من المدعى عليه، وقد كان الظاهر مع المدعى عليه لأن الأصل براءة الذمة، وبناءً على هذا فالمراد الشاهدان سواء كانا مؤمنين أم كتابيين.