محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنعام

صفحة 489 - الجزء 1

  {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٥} سوف تأتيهم الأخبار التي أخبرهم الله بها في القرآن فاستهزأوا بها من البعث والحساب والجنة والنار، وسيرون صدق ذلك وسيرون ما توعدهم الله به من النكال في الدنيا.

  {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ٦}⁣(⁣١) كان المشركون يعلمون بما جرى من قصة صالح وإخراجه الناقة لقومه، وذلك لأن بلاد نبي الله صالح كانت قريبة منهم شمال المدينة، ما بين تبوك والمدينة، وكانوا يتناقلون قصتهم وما جرى منهم، فيما بينهم.

  وهم عالمون بقصة هود وما جرى في قومه، وما جرى في قوم لوط بسبب عصيانهم له؛ فلذا قال الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا}⁣(⁣٢) يعني أنهم يعلمون ذلك علماً يقيناً،


(١) سؤال: ما المراد بالقرن في قوله: {مِنْ قَرْنٍ}؟ وما إعراب: «كم» و «ما» في قوله: {مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} وكذا {مِدْرَارًا

الجواب: المراد بالقرن الجماعة من الناس في عصر واحد، هذا معناه في هذا الموضع، ويطلق على مائة سنة، و «كم» مفعول به مقدم وهي خبرية، و «ما» نكرة في محل نصب، وتكون مفعول مطلق والجملة بعده صفة والتقدير: تمكيناً لم نمكنه لكم، وهذا الإعراب أقرب من إعرابها مصدرية أو موصولة، و «مدراراً» حال منصوبة، وصاحبها السماء والمراد بالسماء المطر.

سؤال: ما المراد بقوله: {وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ

الجواب: المراد أن الله تعالى أنعم عليهم بكثرة الأمطار حتى جرت الأنهار من تحتهم، أي: من الأماكن المنخفضة، حيث أن الماء في العادة يجري في الأماكن المنخفضة حيث لا يطغى على بيوتهم ولا مزارعهم.

(٢) سؤال: هل تقصدون أنه استفهام تقريري؟

الجواب: هو استفهام تقريري لما بعد النفي، ويصح أن يكون استفهاماً استنكارياً باعتبار النفي، كما قالوا في قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ}⁣[الشرح: ١]، وأمثالها.