محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأعراف

صفحة 694 - الجزء 1

  ذلك الرجل⁣(⁣١) الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى علم التوراة فانسلخ منها، وتركها وترك العمل بما فيها، وكان ذلك الرجل في عهد موسى #.

  {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ١٧٥}⁣(⁣٢) ثم إن الشيطان سيطر عليه، وتمكن منه، ومن إدخاله في الكفر والضلال.

  {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} لو شاء الله لرفع منزلته بما آتاه من العلم والحكمة كما قال الله: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}⁣[المجادلة: ١١]، فلأهل العلم عند الله منازل رفيعة.

  {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ولكنه مال إلى هوى نفسه وشهواتها⁣(⁣٣)، وبسبب ذلك لم يستحق أن يرفعه الله سبحانه وتعالى في الدنيا. ومعنى


(١) سؤال: هل صح أنه كان معه اسم الله الأعظم فأظن في كلام الإمام الهادي في رسائله ما يوحي بذلك؟

الجواب: قد ذكر في المصابيح كلام الإمام الهادي #، وذكر فيه أن عنده أسماء الله و ... ولم يذكر «الأعظم» إلا أن في كلامه في المصابيح نقصاً. والآية تدل على صحة جملة كلام الهادي من حيث منزلة بلعم بن باعورا في العلم والحكمة، وإجابة الدعوة، والمنزلة العظيمة، فإن قوله تعالى: {آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا} يدل على أنه حظي بعناية الله وتوفيقه، فحفظ العلم الذي أنزله الله تعالى على أنبياء بني إسرائيل، وفهمه حق فهمه، وحفظه في لبه، وأنه كان يعمل بعلمه، ويعبد الله حق عبادته؛ لأن العلم يستدعي العمل، إلى أن انسلخ، وانسلاخه كان بترك العمل بعلمه في بعض التكاليف.

(٢) سؤال: ما الوجه في التعبير بـ {أَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} ولم يقل: فتبعه الشيطان؟

الجواب: قد قيل: إن معنى: {أَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} أدركه الشيطان، وقيل: أتبعه الشيطان كُفَّارَ الإنس وضُلَّالَهم أي: جعلهم أتباعاً له، أي: أن الهمزة للتعدية.

(٣) سؤال: هل ميله إلى هوى نفسه متمثل في عدم تواضعه لموسى وتكبره عليه، لَمَّا أمره الله أن يكون تابعاً له، على ما روي؟

الجواب: إذا صحت الرواية فذلك هو الذي مال بهواه إليه، وقد علل الله تعالى انسلاخه بشيئين: {أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ}، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}، أي: أخلد إلى متاع الأرض وزينتها، واتبع هواه، =