سورة الأعراف
  «أخلد إلى الأرض»: لزم الأرض وسَكَنَ إليها، ومنه: {خَالِدِينَ فِيهَا} أي: ساكنين فيها ملازمين لها لا يخرجون عنها.
  {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} فحاله كحال الكلب إن طردته يلهث، وإن تركته يلهث، وهذا الرجل اسمه بلعام بن باعورا، فلما لم يعمل هذا الرجل بعلمه، واتبع شهواته وهوى نفسه أسقط الله سبحانه وتعالى قدره في الدنيا، فصار حاله كحال الكلب في الخسة(١).
  {ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} فبنو إسرائيل حالهم كحال هذا الرجل الذي هو كالكلب حين لم يؤمنوا بك يا محمد، وقد عرفوا أنك نبي صادق من عند الله سبحانه وتعالى.
  {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ١٧٦} لعلهم يتفكرون ويرجعون عن كفرهم وتمردهم وضلالهم.
  {سَاء مَثَلاً(٢) الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ١٧٧} هذا المثل السيئ قد انطبق عليهم، وقد استحقوا المذلة والهوان والصغار بسبب تكذيبهم
= أي: أنه جعل هوى نفسه إماماً فما دعاه إليه هواه أطاعه واستجاب له. وتفيد هاتان الصفتان أنه خرج من الدين خروجاً كلياً، وطرح نفسه بعد ذلك بين متاع الحياة الدنيا وشهواتها، وأطلق قياد الهوى لتشبع نفسه مما تهواه.
(١) سؤال: هل عرف مصير هذا الرجل ومآله أم لا؟
الجواب: قد أخبر الله تعالى عن مصير هذا الرجل ومآله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} فمصيره الذي صار إليه هو الخسة في الدنيا، والدناءة والحقارة، عرف بذلك بين الناس فهو بينهم يمشي لطلب هوى نفسه، يظهر عليه الحرص في الطلب والإعياء من شدة التعب في هذا السبيل، فلا يرى إلا في حالة مزرية دنية كحالة الكلب اللاهث، فلم يبق له قدر ولا مكانة.
(٢) سؤال: ما إعراب: {سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ}؟
الجواب: ساء: فعل ماض من أفعال الذم، وفاعله ضمير مستتر وجوباً، ومثلاً: تمييز للفاعل المستتر، أي: ساء المثل. القوم: المخصوص بالذم، وهو مبتدأ والجملة قبله في محل رفع خبر.