سورة الأعراف
  بآيات الله سبحانه وتعالى، وقد جنوا على أنفسهم بسبب تكذيبهم هذا وظلموها، واستحقوا العذاب بما جنته أيديهم.
  {مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ١٧٨} من هداه الله سبحانه وتعالى وأخبر أنه مهتدٍ فهو المهتدي بحق، ومن أخبر أنه ضال فقد استحق الضلال والخسران، وبنو إسرائيل لن ينفعهم قولهم بأنهم هم المهتدون وغيرهم في ضلال، بل من حكم الله سبحانه وتعالى بهداه فهو المهتدي، ومن حكم بضلاله فهو الضال والخاسر.
  {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ} ذرأهم الله سبحانه وتعالى في القبور، وهو الذرء الثاني(١)، وأما الذرء الأول فهو الذي يكون في أرحام النساء، فبعد أن يذرأهم الله سبحانه وتعالى في القبور سينبتون يوم القيامة كالحبة يضعها المزارع في الأرض، فتنبت بعد ذلك، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ٧٩}[المؤمنون]، أي: الذرء الثاني، وسيذرأهم الله سبحانه وتعالى إلى جهنم وبئس المصير.
(١) سؤال: هل معنى الذرء الثاني: الخلق والإيجاد في القبور؟ ومن ذهب إليه من أئمتنا $؟
الجواب: ذكر ذلك في المصابيح عن الإمام الهادي #، قال الهادي: ذرأنا فهو أنشأنا وجعلنا، وهو الذرء الآخر والنشأة الآخرة في يوم القيامة عند خروج الناس من قبورهم، فينشأ كل أهل دار إلى دارهم ... إلخ. وفي شمس العلوم: ذرأنا الأرض أي بذرناها، وهكذا في كتاب العين. فهذا الذي قصدناه في التفسير، أي: أن ذرأنا بمعنى بذرنا، أي: أن الكفار يدفنون في الأرض كما تدفن بذرة النبات، ثم إن الكفار سيخرجون من الأرض أحياءً، كما تخرج البذرة من الأرض وهي حية، وبَذْرُ الكفار على ما ذكرنا هو لجهنم، وليس في هذا ما يخالف قول الإمام الهادي #، بل إنه موافق له، فقد ذكر أنه الذرء الثاني أي: بعثهم من الأرض يوم القيامة.