سورة الأعراف
  {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا}(١) خلق الله سبحانه وتعالى لهم قلوباً يستبصرون بها ويعرفونه من خلالها، ولكنهم لم ينتفعوا بها، والمراد بالقلوب: العقول.
  {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا} لا يبصرون بها مراشدهم، ولا يبصرون بها الحق وأنوار الهدى ويسيرون فيها، بل مكثوا على ضلالهم وغيهم وباطلهم.
  {وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا} أعطاهم الله سبحانه وتعالى السمع فلم يسمعوا إلى الحق ويتبعوه، بل ضلوا كالأصم الذي لا يسمع شيئا.
  {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٧٩} فأولئك الذين ذرأهم الله سبحانه وتعالى لجهنم هم أهل هذه الصفات فهم كالأنعام، بل وأضل من الأنعام، فهؤلاء هم الغافلون عن ذكر الله سبحانه وتعالى.
  {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} تمدح الله سبحانه وتعالى بأن له هذه الصفات والأسماء، وهي خاصة به، وقد أمرنا بتسميته بها، كقادر وعظيم وعالم(٢) ... إلخ، وليس للأصنام من أسمائه الحسنى نصيب بل هو الله تعالى المختص بها، ومعنى «الحسنى»: الدالة على الكمال والرفعة والجلال.
(١) سؤال: قد يقول القائل بأن هذه الأوصاف: {لَهُمْ قُلُوبٌ ...} قرينة على أن المراد الذرء الأول لا الثاني؛ لأنه أشار فيها إلى أن هذه الأوصاف في الدنيا، فما يجاب عليه؟
الجواب: {لَهُمْ قُلُوبٌ} استئناف لبيان السبب الذي استحقوا به أن يذرأهم الله إلى جهنم، وليس في هذا الاستئناف ما يدل على الذرء الأول دون الثاني بل هو صالح لكل منهما لأنه لبيان السبب الذي استحقوا به جهنم. ويصلح تفسير الذرء بالذرء الأول، وتكون اللام في «لجهنم» لام العاقبة، لا لام العلة؛ لأن الله تعالى ابتدأ خلق الناس لعبادته: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات].
(٢) سؤال: هل إطلاقنا لقادر ونحوه على البشر يعارض هذه الآية أم لا؟
الجواب: إطلاق بعض أسماء الله الحسنى على البشر كالقادر والعالم والسميع والبصير و ... إلخ لا يخالف ولا يعارض ما ذكر الله تعالى هنا من اختصاصه جل وعلا بالأسماء الحسنى، وذلك لاختلاف المعنى، فمعناها عند إطلاقها على البشر غير معناها عند إطلاقها على الله تعالى.