سورة الأعراف
  سبحانه وتعالى أنه غير متمكن إلا بالاستدراج، وإنما على سبيل التمثيل والتفهيم.
  {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ١٨٣}(١) يمهلهم الله سبحانه وتعالى ويمد لهم في الأعمار، ويبسط لهم في الأرزاق، ويتركهم في غيهم وضلالهم، ولا يعاقبهم؛ فيظنون عند رؤية ذلك أنهم في خير العمل، وأنهم على الطريق المستقيم حتى يباغتهم ويأخذهم فجأة، فهذا هو الكيد من الله سبحانه وتعالى.
  {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ}(٢) يحث الله سبحانه وتعالى المشركين واليهود على النظر والتفكر في شأن محمد ÷ وأمره، وكانوا يتهمونه بالجنون والسحر، وأنهم لو نظروا وتفكروا في أمره حق التفكر لعرفوا أنه ليس كما يتهمونه.
  {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ١٨٤} وله علامات واضحة وصفات تدل على صدق ما يدعي، وأنه نبي مرسل من عند الله سبحانه وتعالى، وليس فيه ما يدل على ما يتهمونه به من الجنون والسحر.
  {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ} لم يأت النبي ÷ بشيء غريب فانظروا وتفكروا في ملكوت السماوات والأرض، وتفكروا فيما خلق الله من الأشياء التي ترونها في السماوات والأرض، وسوف تعرفون صدق ما جاءكم به، وأنه نبي مرسل من عند الله سبحانه وتعالى،
(١) سؤال: ما معنى {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ١٨٣}؟
الجواب: المعنى أن استدراج الله تعالى للمكذبين وإمهالهم، ثم أخذهم إلى عذابه ونقمته - قويٌّ لا يقدر أحد على إبطاله ولا رده.
(٢) سؤال: ما معنى الاستفهام في قوله: «أو لم يتفكروا»، وفي قوله: «أو لم ينظروا»؟ وما موضع جملة: {مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ}؟
الجواب: الاستفهام إنكاري في الموضعين، أو يقال: تقريري لما بعد النفي، وموضع جملة: {مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ} النصب على المفعولية لـ «يتفكروا»، و «ما» نافية علقت ليتفكروا عن العمل في اللفظ فعملت في المحل.