محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأعراف

صفحة 700 - الجزء 1

  وستعرفون الله سبحانه وتعالى حق معرفته، وأنه الإله الحق الذي يستحق العبادة والربوبية وحده، وستعرفون أن هذه الأصنام لا تملك من صفات الإلهية شيئاً، يحثهم الله سبحانه وتعالى في هذه الآية على النظر والتفكر لعلهم يؤمنون.

  {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}⁣(⁣١) فلماذا لا تخافون من الله سبحانه وتعالى وتؤمنون به، فلعل أجل عذابكم قد اقترب وأوشك على الحلول بكم، أليس من شأن العاقل أن يتحذر إذا أخبره مخبر بأنه قادم على أمر خطير؟ أليس من شأن العاقل أن يأخذ حذره ويستعد بما أمكنه لدفع الخطر، فكل عاقل سيحذر هذا الأمر المحتمل لا محالة، فما دام الأمر هكذا فكيف إذا كان الذي أخبركم بهذا الأمر الخطير الذي أنتم قادمون عليه هو محمد ÷؟ وأتى بأدلة واضحة، وبمعجزات خارقة تؤيد صدق ما يقول، وهذا مع ما قد عرفتموه من صدقه وأمانته، فلماذا لا تحذرون ما قد أنذركم به وتستعدون له؟ أين عقولكم عن كل هذا؟ لماذا لا تطلبون لأنفسكم سبيل النجاة؟

  {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ١٨٥} فإذا لم يؤمنوا بهذا الحديث الحق، ويصدقوا به وهو بهذه الصفات الجامعة لكل صفات الصدق والحق، فلا يتوقع منهم أن يصدقوا بحق ولا صدق.

  {مَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ} من أخبر الله سبحانه وتعالى أنه ضال وحكم عليه بالضلال فلن يحكم بهداه أحد ويكون محقاً في حكمه.

  {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٨٦} فمن كان من أهل الضلال فالله سبحانه وتعالى سيتركه في ضلاله وطغيانه، وسيمهله ويستدرجه، فإما أن يتوب، وإما أن يزداد في طغيانه وكفره، فيتضاعف عليه العذاب، والعمه في البصيرة كالعمى في البصر، ومعنى «يعمهون»: يسيرون على غير هدى.


(١) سؤال: هل لا زال قوله: {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ ...} من جملة ما أمروا أن يتفكروا فيه؟

الجواب: ذلك مما أمروا أن يتفكروا فيه.