سورة الأعراف
  الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} فلن أستطيع أن أجلب لنفسي نفعاً، ولا أن أدفع عنها ضراً، فالنفع والضر بيده وحده، وتحت مشيئته، ولو كنت أعلم الغيب لاستطعت أن أتجنب أسباب كل ما يضرني، ولرتبت جميع أموري حتى لا يبقى مجال لأي شر أو ضر، ولتجنبت كل ما علمت أنه سيضرني، ولجلبت كل ما أجد أنه سوف ينفعني.
  {إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ١٨٨} لست إلا رسولاً من عند الله سبحانه وتعالى أنذر المجرمين عذاب الله وسخطه، وأبشر المؤمنين بما أعده الله سبحانه وتعالى لهم من النعيم، وأما علم الغيب فلا نصيب لي فيه، ولا أعلم منه شيئاً.
  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} خلقكم من نفس(١) آدم، وخلق لآدم زوجة من جنسه؛ {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}(٢) لأنهما إذا كانا من جنس واحد فستسكن النفس وتطمئن وتستأنس كل نفس إلى أختها، بخلاف ما لو كانا من جنسين مختلفين.
  {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} أخبر الله سبحانه وتعالى عن طبيعة البشر في كيفية التوالد والتناسل والحمل، وليس المراد به آدم حين تغشى حواء(٣). ومعنى
(١) سؤال: يقال: ظاهر الآية أنه خلقنا من نفس واحدة، والواقع أنه من نفسين اثنتين «آدم وحواء» فكيف؟
الجواب: أصل خلق بني آدم هو آدم، وجعل له من جنسه زوجاً «حواء»، وقد أثبت العلم الحديث أن ماء الرجل هو الأصل الذي يتكون منه الجنين.
(٢) سؤال: إلامَ عاد الضمير في {لِيَسْكُنَ}؟
الجواب: الضمير عائد إلى {نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ}، وإنما ذكّر نظراً إلى المعنى، ولئلا يتوهم عوده إلى الأنثى {زَوْجَهَا}.
(٣) سؤال: يقال: فما فائدة العطف بالفاء إذاً؟
الجواب: الذي أحوجنا إلى الخروج عن الظاهر في تفسير: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} هو قوله بعد ذلك: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٩٠} وحاشا نبي الله آدم # من الشرك هو وزوجته «حواء»، وقد استحسنت حاشية على الكشاف =