سورة الأنفال
  العدة لذلك، وكبار قريش هؤلاء هم الذين وقفوا في وجه النبي ÷ في بداية الدعوة، وكذبوا به وحرضوا عليه واستهزئوا به وبمن معه، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يضربهم في هذه الغزوة ضربة قاصمة، ويقطع دابرهم، وينكس كبرهم؛ انتقاماً لنبيه ÷.
  قال النبي ÷ للمسلمين: «لقد رمتكم قريش بأفلاذ أكبادها»، يريد به زعماءها ووجهاءها، والله سبحانه وتعالى قد أراد أن يقطع دابرهم، وأن يذلهم، ويعز الإسلام وأهله، ويجعل له هيبة وصيتاً بين قبائل العرب، ويزرع الرعب والخوف في قلوبهم، فإذا انتصر المسلمون في هذه المعركة حصل للإسلام والمسلمين العز والهيبة الذي أراده الله سبحانه وتعالى للإسلام.
  {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ٨}(١) يريد الله سبحانه وتعالى أن يحق الحق ويعز أهله، ويذل الباطل ويقمع أهله، وما أراده الله سبحانه وتعالى فهو كائن لا محالة.
(١) سؤال: ما معنى إحقاق الحق، وإبطال الباطل من جهة الله؟ وما المراد بالكلمات المذكورة في الآية التي قبلها؟
الجواب: المعنى: إثبات الحق وإظهاره حتى يكون له كيان قوي وهيبة كبيرة، ويريد إذلال الباطل بكسر شوكته وإزالة هيبته. ومعنى «بكلماته»: أي: بوعده للنبي ÷ والمؤمنين إحدى الطائفتين، ووعد الله حق نافذ وصدق ماضٍ.
سؤال: قد يقال: يصير النظم في الآيتين: «يريد الله أن يحق الحق ليحق الحق» وهذا غير مستقيم مع بلاغة القرآن، فكيف تقدير النظم فيهما؟
الجواب: قوله: «ويريد الله أن يحق الحق ...» جاء ليميز بين إرادته وبين إرادة المؤمنين الذين خرجوا يوم بدر مع النبي ÷ يودون غير ذات الشوكة أي: يودون تغنم تجارة قريش، والله يريد ذات الشوكة من أجل أن يحق الحق، وقوله: «ليحق الحق ...» كالتعليل لمزية إرادته على إرادتهم ورجحان إرادته على إرادتهم.