سورة الأنفال
  {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ}(١) أنزل الله سبحانه وتعالى عليهم النوم ليطمئنوا؛ لأن المرعوب لا ينام في العادة، فإذا ناموا هدأت نفوسهم واطمأنت، وزال عنها التوتر والقلق.
  {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ١١} كان جانب الوادي الذي عسكر فيه النبي ÷ والمؤمنون لا ماء فيه، وقد أراد المسلمون أن يغتسلوا ويصلوا، فلم يجدوا الماء؛ فدخل الشيطان عندها على قلوبهم ووسوس لهم كيف تكونون على الحق، ولا ماء عندكم لتغتسلوا فيه من الجنابة وتتوضأوا للصلاة، فكيف تقاتلون وأنتم على هذه الحالة؛ فأنزل الله عند ذلك المطر، ولم يصبحوا إلا وقد نزل الفرج على المسلمين، وأذهب رجز الشيطان ووسواسه، وكذلك ليثبت أقدامهم؛ لأن الأرض التي كانوا عليها رملية دهسة لا يستطيعون الثبات عليها عند القتال، فتصلبت الأرض بنزول المطر عليها.، وهذا معنى: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} ورجز الشيطان هو الجنابة(٢)؛ لأن بعضهم كان قد اجتنب، وكذلك لتقوى به قلوبهم؛ لأن المسلمين إذا رأوا نزول رحمته عليهم عرفوا عنايته بهم، فيشد ذلك من عزائمهم، فقد هيأ الله سبحانه وتعالى للمسلمين جميع أسباب النصر، رحمة منه بالمسلمين عندما علم منهم صدق النية والإخلاص له.
(١) سؤال: لماذا أطلق الله على إنزال النوم تغشية؟
الجواب: سمي إنزاله تغشية لأنه يغشي - أي: يغطي - العقل والحواس عن الإدراك.
سؤال: ما إعراب: {أَمَنَةً}؟ وما أصل اشتقاقها؟
الجواب: «أمنة» مفعول من أجله، وهي مشتق من «أَمِنَ» من باب فَهِم وسَلِمَ، يأمن أَمْناً وأَمَنَةً.
(٢) سؤال: يقال: قد مر لكم أن رجز الشيطان وسوسته لهم، فكيف؟
الجواب: الجنابة هي الباب الذي دخل منه الشيطان بوسوسته إلى صدور المؤمنين فلما أنزل الله عليهم ماء السماء تطهروا فذهبت الوساوس بذهاب الجنابة، والرجز: هو أثر النجاسة (المني) حقيقة، ويطلق على الوسوسة مجازاً، ولا مانع من إطلاق الرجز على معنييه الحقيقي والمجازي.