سورة الأنفال
  {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ١٢} يشجعهم الله سبحانه وتعالى ويزيد من عزائمهم ويحثهم على القتال، مخبراً لهم بأنه قد أيدهم بالملائكة وبنصره، وقد ربط على قلوبهم، وأزال الشكوك التي كان قد وسوس لهم الشيطان بها، وأنه قد ألقى في قلوب المشركين الرعب مع أن الذين كانوا يقاتلونهم من أشجع شجعان العرب وأشدهم بأساً وقتالاً.
  وكان من الذين خرجوا مع قريش لقتال المسلمين عمرو بن عبد ود العامري، وكان يقال: إنه لألف، ولكن عندما رأى المشركون ما رأوه من صلابة المسلمين وأنهم يقاتلون قتالاً شديداً لم يشهدوا بمثله من قبل خافوا عند ذلك، وولوا هاربين منهزمين، ونصر الله النبي ÷ ومن معه.
  {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} استحق المشركون القتل والذلة والخزي يوم بدر بسبب أنهم وقفوا في شق وجانب غير شق وجانب الله ورسوله ÷، وبسبب معاداتهم لله ورسوله، ووقوفهم في صف الباطل، وفي وجه دعوة الله سبحانه وتعالى ودعوة رسوله ÷.
  كان النبي ÷ قد أخبر المسلمين وبشرهم بهذه البشائر من الوعد بإحدى الطائفتين، وتقوية قلوبهم، ونصرهم على أعدائهم.
  {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ١٣} من يقف في صف الباطل - فإن الله سبحانه وتعالى سيعاقبه، وينزل به أشد العقاب.
  وفي هزيمة قريش هذه الهزيمة النكراء في بدر، وقتلهم وإذلالهم عقابٌ شديدٌ لهم؛ لأن هذه المعركة كانت ضربة قاصمة لظهور المشركين، فقد قتل من كل بيت من بيوت قريش كبيرٌ من كبارها، وقتل جميع صناديدهم، ولم يبق من كبار قريش إلا أبو سفيان، فإنه لم يكن حاضراً في معركة بدر(١)، وكان في العير التي خرجت
(١) سؤال: يقال: ولم تقم المعركة إلا بسبب القافلة التي كان يقودها أبو سفيان فكيف؟ =