محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 16 - الجزء 2

  الْأَدْبَارَ ١٥}⁣(⁣١) نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عن الهروب عند مواجهة المشركين، يريد الله للمسلمين أن يكونوا أهل عز وقوة، وأن يكونوا هم الأعلين دائماً.

  {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦} من فعل ذلك وولاهم دبره، وهرب بعد أن واجههم فقد استحق سخط الله سبحانه وتعالى وغضبه، إلا إذا كان هروبه حيلة دبرها لكي يستدرج عدوه، ثم يعطف عليه، أو كان هروبه إلى فئة متمركزة لكي يستقوي بها ويجدد من نشاطه وقوته، فلا بأس بذلك، نحو ما كان من المسلمين في غزوة مؤتة بعد أن قتل جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة، ثم أخذ بعد ذلك الراية خالد بن الوليد وانسحب بالمسلمين وانهزم بهم عائداً إلى المدينة، وكانوا خجلين من فعلهم هذا وانهزامهم حتى أنهم عند دخولهم المدينة في أثناء عودتهم دخلوا متسللين فرداً فرداً إلى بيوتهم، وكانوا يذهبون إلى النبي ÷ ويقولون له: نحن الفرارون يا رسول الله؛ فيجيبهم النبي ÷: «بل أنتم الكرارون، وأنا فئتكم فقد هربتم إلى فئة⁣(⁣٢)، ولا ضير عليكم في ذلك»، وكان


= بحالة زحف جيش الكفر لحربكم أو زحفكم بجيوشكم أيها المؤمنون لحرب الكافرين.

(١) سؤال: هل هذه الآية على إطلاقها أم أنها مقيدة بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ..}⁣[الأنفال: ٦٦]؟

الجواب: هي مقيدة بعد نزول التخفيف بآية التخفيف، وقبل نزولها مقيدة بـ {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ ...}.

(٢) سؤال: يقال: فلا يتأتى فرار من زحف إذا كان الإمام أو نحوه لم يخرج في المعركة وفر الخارجون إلى أوطانهم؟ وبناء على ذلك فلا يحصل الفرار من الزحف إلا إذا خرج الكبير معهم وفروا عنه، وهذا يشكل علينا؟

الجواب: الفرار عن الزحف مرخص فيه بشروط: أن يكون الفرار إلى فئة، أو عند خشية الهلكة بأن يكون العدو أكثر من المثلين، أو بأن يكون له من القوة والآلات ما يخشى معها الهلكة. والرأي في ذلك إلى الأمير، ويجب على الأمير حسن النظر لمن تحت يده ومشاورة ذوي =