محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 42 - الجزء 2

  {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ٥٧} إذا تمكنت منهم في حرب فافتك بهم واقتلهم حتى يعتبر بهم الذين من خلفهم⁣(⁣١)، فيكفوا عن التعرض للإسلام وأهله.

  {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ ٥٨} إذا خفت يا محمد خيانة من المشركين؛ فإن كان بينكم أي عهد فأعلن بين الناس أنك برئ مما بينك وبينهم من عهد وصلح، وانقض العهد الذي بينك وبينهم على مسمع من جميع الناس؛ لئلا يلحقك مذمة من أحد إن قتلت منهم أو نحو ذلك فيقولوا: نقض محمد العهد والميثاق، فاحرص أن يعلم جميع الناس⁣(⁣٢).

  وقد أرسل محمد ÷ عليًّا بهذه البراءة يعلن بها في الناس يوم الحج الأكبر: أن الله برئ من المشركين ورسوله، فسمعت بهذه البراءة جميع قبائل العرب إلا أنه استثنى عهود من أوفى بعهده إلى المدة المضروبة لذلك؛ فإذا كان كذلك فلن يجد أحد طريقا إلى اتهام محمد ÷ بنقض العهود والمواثيق، لأن نقض العهد خيانة، والله سبحانه وتعالى لا يحب الخائنين.

  {وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ ٥٩} لا تظنن يا محمد بأن الذين كفروا قد فاتوا على الله سبحانه وتعالى فهو ليس بعاجز عن أخذهم،


(١) سؤال: يقال: الظاهر أن التشريد هو التفريق والتبديد، فما رأيكم؟

الجواب: التشريد وإن كان الأصل فيه التفريق والتبديد فالمراد به هو أن يعتبر بهم غيرهم ويحذروا من التعرض للنبي ÷ ومحاربته؛ فالتشريد الحقيقي الذي هو نحو تفريق الصيد وتبديده بالمطاردة غير مراد، وإنما المراد: فخوِّف بهم.

(٢) سؤال: هل المراد بقوله: {عَلَى سَوَاء} حتى يستوي جميع الناس في العلم بنبذك للعهد؟

الجواب: المراد أن يعلن في المجامع العظيمة التي إن أعلن فيها انتشر في الآفاق، نحو الأسواق التي يجتمع فيها من أطراف القبائل، أو كموسم الحج الذي أعلن فيه رسول الله بنبذ العهد إلى قريش.