محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 48 - الجزء 2

  أن تمتلئ الأرض من قتلى المشركين ودمائهم، وأنه ينبغي أولاً أن يبني المسلمون هيبة الإسلام، ولن يكون له هيبة حتى يفعلوا ذلك ويقتلوهم، فإذا استقوى الإسلام، وصار له كيان ودولة - كان لهم حينئذ أن يأخذوا الفدية.

  ومعركة بدر هذه كانت أول معركة في الإسلام مع المشركين، ففي أخذهم الفدية إظهار للضعف أمام المشركين؛ ولذلك عاتبهم الله سبحانه وتعالى بهذه الآية ووبخهم، وأخبرهم بأنهم قد أخطئوا في فعلهم هذا، وأنهم لو قتلوهم لكان ذلك أشد وقعاً على المشركين، وأوجع لهم وأعز للإسلام وللمسلمين، ولكنكم أيها المسلمون آثرتم عرض الدنيا، وهو أخذ الفداء، والله سبحانه وتعالى يريد أن يقوّي جانبَ الحق، ويزيد من هيبته، وذلك لن يحصل إلا بقتلهم.

  {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ⁣(⁣١) لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٦٨} لولا أن الله سبحانه وتعالى قد كتب في كتابه أنه لن يعذب أحداً حتى يبين لهم ما يتقون -


= بعدّتهم» فقالوا: بل نأخذ الفداء، وذكره في المصابيح. وفي تفسير ابن كثير ما لفظه: وقال سفيان الثوري، عن هشام - هو ابن حسان - عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن علي ¥ قال: (جاء جبريل إلى النبي ÷ يوم بدر فقال: خَيِّر أصحابك في الأسارى إن شاءوا الفداء، وإن شاءوا القتل على أن يقتل منهم مُقْبِلاً مثلهم، قالوا: الفداء ويقتل منا). رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه من حديث الثوري به، وهذا حديث غريب. [ثم ذكر المصادر في الحاشية بقوله]: سنن الترمذي برقم (١٥٦٧)، والنسائي في السنن الكبرى برقم (٨٦٦٢)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث الثوري لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زائدة». [وهو موجود في أغلب التفاسير يذكرونه بعد الرواية الأولى التي فيها أن النبي ÷ استشار أبا بكر وعمر ... ، ثم يقولون: وروي أنه ... إلخ].

(١) سؤال: هل قوله: {سَبَقَ} خبر لقوله: {كِتَابٌ}؟ أم أنه صفة له والخبر محذوف تقديره: موجود؟

الجواب: خبر «لولا» محذوف، و «سبق» صفة لكتاب، والخبر مقدر كما ذكرتم.