محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة الأنفال

صفحة 49 - الجزء 2

  لعذب المسلمين على أخذهم الفدية، فالله سبحانه وتعالى لا يريد لهم أن يأخذوا الأسرى، وإنما أراد أن يقتلوهم في الحال، فما إن استفدت الأسرى أنفسها حتى بدأت تعد العدة للانتقام من المسلمين، وأخذ الثأر منهم على ما حصل عليهم.

  {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ٦٩} أباح الله سبحانه وتعالى الأكل من الغنائم، وأما الأسرى فما كان ينبغي أن يستفدوهم وإنما كان جزاؤهم القتل.

  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ٧٠} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يسأل الأسرى إذا كانوا يريدون الإيمان، ويقول لهم: إن الأولى بهم أن يؤمنوا وإنه إن كان الإيمان قد دخل في قلوبهم فسيعوضهم سبحانه وتعالى بدل الفدية التي دفعوها بخير منها؛ لأن المسلمين كانوا يستبقون الأسير بينهم إلى أن يأتي أهله ليستفدوه، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأن يعظ هؤلاء الأسرى لعلهم يؤمنون.

  {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٧١} كان المسلمون بعد أن يأخذوا الفدية عن الأسير لا يفكونه إلا بعد أن يأخذوا منه العهود على عدم قتال النبي ÷ أو التعرض للإسلام والمسلمين، فإذا أرادوا بعد عهدهم هذا الخيانة - فالله سبحانه وتعالى فوقهم، ولن يفلتوا منه؛ وقد جربوا عندما خانوا قبل ذلك، عندما رفضوا أن يؤمنوا به ويوفوا بعهده كيف مكن المسلمين منهم ومن أسرهم، فإن هم هموا بالخيانة ثانية فسيحصل لهم ما قد حصل لهم من قبل.

  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} المؤمنون الذين هاجروا إلى المدينة، وجاهدوا مع النبي ÷، وكذلك الذين آمنوا من أهل المدينة من الأوس