سورة التوبة
  سبحانه وتعالى منهم الذين يوفون معكم بعهودهم، ولم ينقضوا لكم عهداً.
  {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً} لم ينصروا أحدا عليكم {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٤} أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ ألا يتبرأ من هؤلاء الذين عاهدوا ووفوا بعهودهم، وأن يفي بعهودهم إلى أن تنقضي المدة المحددة لذلك المذكورة في بنود العهد التي قد كتبتموها، وأما البراءة فليست إلا من أولئك الذين هم أهل غدر وخيانة.
  وكان النبي ÷ قد بعث أمير المؤمنين # بهذه البراءة لمصلحة في ذلك؛ لأنه إذا كان كبير القوم أو مبعوثه المقرب إليه هو الذي أعلن نقض العهد أخذه السامعون مأخذ الجد.
  {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} وهي الأربعة الأشهر التي قد أمهلهم بها النبي ÷، وسميت بالحرم لحرمة العهد؛ فإذا انتهت هذه المدة {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} فقد أباح الله سبحانه وتعالى للمسلمين قتلهم وأسرهم، وضرب الحصار عليهم، والترصد لهم في كل طريق(١).
  {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ٥} فقد أصبحوا إخواناً لكم؛ لأن الإسلام يجب ما قبله.
  {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ٦} إذا استجار بك أحد من المشركين يا محمد،
= وبنوده وشروطه من غير أن ينقصوا شيئاً من ذلك فكان - لذلك - التعبير بالنقص بالصاد أنسب وأليق.
(١) سؤال: هل المراد بهم المشركون جميعاً أم الذين أذن بنقض عهودهم؟
الجواب: المراد بهم المشركون الذين ذكروا في أول السورة {بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ١}، فاللام هنا للعهد، وليست للعموم بدلالة السياق.