سورة التوبة
  فيجيبهم الله سبحانه وتعالى على ذلك: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ١٢٤}(١) يخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنها تزيد الذين آمنوا لا غيرهم.
  يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن كيفية طبع المؤمنين والمنافقين، فالمؤمنون ينتفعون بها ويعملون بأحكامها، فيزداد إيمانهم وثوابهم عندما يعملون بها.
  والمنافقون يكفرون بها ولا يعملون بأحكامها، فيزدادون بذلك كفراً إلى كفرهم؛ لأنهم قد كفروا بما نزل من قبل، وكلما نزل شيء كفروا به أيضاً فازدادوا كفراً إلى كفرهم، وهذا معنى قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي نفاق، {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ١٢٥}(٢).
  {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦} يعجب الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ والمؤمنين لماذا لا ينتفع المنافقون(٣) ويرجعون إليه، مع أنه ينزل بهم في كل سنة من البلاوي والمصائب ما
(١) سؤال: من أين نأخذ أن هذا من جواب الله عليهم؟
الجواب: أخذنا ذلك من وقوعه بعد قول المنافقين المستهزئين بالمؤمنين الذين يستقبلون سور القرآن وآياته عند نزولها بالإيمان والتعظيم والفرح والسرور، والفاء التفريعية تدل على ما قلنا: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا ...}.
(٢) سؤال: ما وجه نسبة زيادة الرجس إلى السورة؟
الجواب: الوجه كون السورة سبباً ويسمى إسناد الفعل إلى السبب مجازاً عقلياً.
(٣) سؤال: هل يصح أن تعمم الآية في كل مبتلى ولو كان من المسلمين؟
الجواب: الآية ذكرت ما ابتلى الله به المنافقين فيما سبق نزول الآية من الوقت، وليس فيها عموم، ولكن سنة الله واحدة في الأولين والآخرين فقد قضت رحمته وحكمته أن ينبه الغافلين بما من شأنه أن يوقظهم من غفلتهم ويردهم إلى الصواب: {إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ٩٤}[الأعراف]، {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ١٦٨}[الأعراف]، {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢١}[السجدة].