سورة يونس
  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} فمن هذه صفاته هو ربكم الذي ينبغي أن تتوجهوا بعبادتكم إليه، وليست تلك الأحجار التي تنحتونها، وتجعلون لها أسماءً، وتعبدونها من دون الله.
  {فَاعْبُدُوهُ} فخصوه بالعبادة ولا تعبدوا غيره؛ فالذي خلقكم وخلق السماوات والأرض وما بينهما، وسيطر عليهما بقدرته وقوته وملكه وتدبيره هو الذي ينبغي أن تتوجهوا بعبادتكم إليه بدل تلك الأحجار التي لا تضر ولا تنفع ولا تغني شيئاً.
  {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٣} يحثهم الله سبحانه وتعالى على الرجوع إلى عقولهم، وأن يتفكروا وينظروا ليعرفوا الصدق والحقيقة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد ركز في عقل كل عاقل معرفته، وأنه الذي يستحق العبادة دون غيره، وقد فطرها على التمكن من التوصل إلى ذلك؛ فإذا فتش فيها سيجد حقيقة ذلك، وسيسوقه تفكيره إلى الحقيقة التي تقتنع عندها الفطرة فلا يحتاج العقل إلى تعب في التفكير وإنما دعاه الله إلى أن يفتش بتفكيره في حنايا عقله.
  {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} يحذر الله سبحانه وتعالى كفار قريش بأنهم سوف يرجعون إليه جميعاً هم وآلهتهم، وجميع من في السماوات والأرض فيجازيهم.
  {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا}(١) ولا بد أن يقع وهو حق ثابت لا يُخْلَف.
  {إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} كانوا ينكرون البعث ويجعلونه مستحيلاً، ويستبعدون كيف يحيي الله العظام وهي رميم، فأخبر الله سبحانه وتعالى أن من قدر على بداية خلق الشيء من العدم سوف يقدر على إعادته، بل إن الإعادة أسهل من ابتداء الشيء من العدم؛ لأن الإعادة هي تركيب وتأليف أشياء موجودة بخلاف الابتداء.
(١) سؤال: علام نصب قوله: {وَعْدَ اللَّهِ} و {حَقًّا}؟
الجواب: «وعد الله» مفعول مطلق مؤكد لمضمون الجملة التي قبله فهي في قوة «وعد» فهو منصوب بوعد أي بفعله، و «حقاً» مفعول مطلق منصوب بفعله المقدر.