محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 148 - الجزء 2

  {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ} ولو كان من تلقاء نفسي لكنت قد أخبرتكم به وقرأته عليكم قبل مبعثي.

  أراد بذلك أن يقنعهم بأنه من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأنه لو كان من عند نفسه لكان قد أسمعهم شيئا من هذا الكلام المعجز قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى إليهم، مع أن جميع قريش يعترفون بصدق النبي ÷ وأمانته، وأنه لم يكذب كذبة قط؛ فلماذا يكذب الآن مع وضوح صدق ما جاء به؟

  {أَفَلَا تَعْقِلُونَ ١٦} يحثهم النبي ÷ على التفكر والنظر في صدق ما جاء به.

  {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ١٧}⁣(⁣١) أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا أحد أشد ظلماً من ذلك الذي يفتري الكذب على الله سبحانه وتعالى، ويقول: إن الله حرم هذا، وحلل هذا، كذباً وافتراءً من عند نفسه، وكذلك الذي إذا سمع آيات الله تتلى عليه كذب بها واستهزأ، ونسبها إلى الخرافات والسحر والأباطيل.

  {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} هؤلاء المشركون كانوا يعبدون الأصنام التي لا تضر ولا تنفع.

  {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فسنسعد بشفاعتهم في الدنيا والآخرة؛ لأنها هي الواسطة بيننا وبين الله.

  {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ١٨}⁣(⁣٢) لقد تعاظم جهلكم أيها المشركون حتى ادعيتم أن مع الله


(١) سؤال: هل الإشارة بالإجرام إلى هاتين المعصيتين؟

الجواب: قوله: {الْمُجْرِمُونَ ١٧} إشارة إلى أن تلك المعصيتين إجرام وفاعليها مجرمون.

(٢) سؤال: هل يؤخذ من الآية صحة الدليل المنطقي (الاستثنائي) مع صحة الملازمة بين المقدم والتالي هكذا: «لو كان له شريك لعلمه تعالى» لكنه تعالى لا يعلم له شريكاً، ينتج: فليس له شريك؟ =