محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 153 - الجزء 2

  والهوان، وسيسلط عليهم من يعذبهم، وفي الآخرة عذاب النار وبئس المصير.

  وبغيهم هذا إنما هو لأجل إشباع رغباتهم⁣(⁣١) وأهوائهم وشهواتهم، وليمتعوا أنفسهم باللهو والطرب والرقص عند الأصنام، ومخالطة النساء، وشرب الخمر، ولم يعبدوا الأصنام إلا لأجل ذلك.

  {ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ} يخاطبهم الله سبحانه وتعالى بأن مرجعهم إليه وسيجازيهم على بغيهم هذا وفسادهم في الأرض.

  {فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٣} يطلعهم الله سبحانه وتعالى على أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، ويجازيهم عليها.

  {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ} يصور الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا وقصرها، وسرعة زوالها، وأنها ليست إلا متاعاً وغروراً، وسرعان ما تنتهي وتزول.

  شبه الله سبحانه وتعالى حالها تلك بأنها مثل الماء الذي ينزله من السماء إلى الأرض فينبت به الشجر، ويكسوا به الأرض خضرة، ولكن سرعان ما تذهب هذه الخضرة، وتيبس هذه الأشجار، وتذبل وتتفتت؛ فتطيرها الرياح وكأن شيئاً لم يكن.

  {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ٢٤}⁣(⁣٢) قص الله سبحانه وتعالى هنا مثلين ذكر أولاً الحياة


(١) سؤال: يقال: الظاهر أن «متاع» مفعول مطلق حذف عامله، أي: تتمتعون متاع، فكيف؟

الجواب: هو مفعول مطلق كما ذكرتم حذف عامله، والجملة من الفعل المحذوف ومعمولاته مستأنفة في جواب سؤال مقدر ناشئ من قوله: {يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} و {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ ...} اعتراض بين ذلك، والله أعلم.

(٢) سؤال: لطفاً ما معنى «حتى» في الآية مفصلاً؟ وما إعراب: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ ...}؟ وما معناها؟

الجواب: معنى «حتى» الغاية، وهي متعلقة بقوله: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} أي: أن اختلاط الماء بالنبات يكون سبباً لنموه وازدهاره وكثرته إلى أن تصير الأرض مزدهرة في =