سورة يونس
  الدنيا وحالها، ثم أخبر ثانياً بأنه يمتع الكافرين(١) في الدنيا فيتركهم يتمتعون بزخارفها وزينتها، ويمكنهم على ظهرها بالعمارة والتجارة والصناعة؛ فإذا ظنوا أنها قد انساقت لهم وصلحت من كل ما ينغص عليهم فيها - دمرها الله سبحانه وتعالى عليهم، وأخذهم جهرة في ليلهم أو في نهارهم، يخبر أن هذه هي سنته في الدنيا في كل زمان، وليس بعد الكمال إلا النقصان، قال الشاعر:
  ..................... ... توقع زوالا إذا قيل تم
  فليتنبه كل عاقل لذلك، ولا يغتر أحد بزخرفها وزينتها.
  {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي(٢) مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٢٥} فالله سبحانه وتعالى لا يريد إلا سعادتكم وما فيه نجاتكم، وهو يناديكم إلى الجنة التي لا خوف ولا شدة ولا زوال لنعيمها الدائم؛ لأن الإنسان يميل بشهواته إلى الدنيا وملاذها ومتاعها مع أنها دار زوال، وسرعان ما ستنتهي كما قد شبهها الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة، والله سبحانه وتعالى يدعو إلى تلك الدار التي سلمت عن كل ما ينغصها ويذهب بهجتها، ويهدي إليها أولياءه.
= أحسن زينة، و «كأن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، وجملة {لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} في محل رفع خبرها. ومعنى: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} كأن لم يكن بها نبات، أو كأن لم يكن بها إنسان.
(١) سؤال: هل هذه السنة خاصة بالكافرين؟ أم أنها عامة لهم ولغيرهم؟
الجواب: هي موجهة للكافرين وهم المقصودون بها، ومع ذلك فهي عامة صالحة لهم ولغيرهم.
(٢) سؤال: هل يمكن أن نقول بأن حذف مفعول العامل الأول «يدعو» مع ذكر مفعول العامل الثاني «يهدي» فيه دليل على أن الهداية خاصة بفريق من عباده وهم المستجيبون له سبحانه أم لا يصح فما فائدة ذلك؟
الجواب: حذف مفعول «يدعو» للتعميم أي: يدعو كل أحد، وذكر مفعول العامل الثاني «يهدي» ليفيد أن الهداية التي بمعنى التوفيق والتنوير خاصة بالمستجيبين لله.