محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 170 - الجزء 2

  القيامة حين يرى ما أعد الله له من العذاب ملك الأرض وما فيها لاقتدى به نفسه ليسلم من عذاب الله.

  {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} أخبر الله سبحانه وتعالى عن حالة المكذبين والمتمردين والعصاة يوم القيامة، وكيف يكون موقفهم عندما يرون العذاب الذي أعده الله سبحانه وتعالى لهم؟ هنالك يندمون ندامة شديدة يسرونها في أنفسهم⁣(⁣١)، وسيقفون متحيرين مبهوتين لهول ما يرونه، واليأس قد تملكهم، والذلة والقهر مستوليان عليهم.

  {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٥٤}⁣(⁣٢) يحكم الله سبحانه وتعالى


= بالعذاب هي التي ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب التي توعد الله مرتكبها بعذاب جهنم أو عظمها الله في القرآن بأن وصفها بالعظم أو الكبر أو فرض لها حداً مثل الشرك والكفر، والزنا وقذف المحصنة، وأكل أموال الناس بالباطل عن طريق الربا أو السرق أو الاغتصاب أو ببخس المكيال والميزان أو الحرابة والتقطع، وقتل المسلم أو ظلمه بأخذ ماله أو هتك عرضه أو أذيته، ... وإلى آخر عظائم الذنوب التي نطق بها القرآن الكريم أو تواترت بها السنة النبوية أو أجمع عليها علماء الأمة. وعلى المؤمن أن لا يتهاون بشيء من معاصي الله تعالى وإن صغر قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #: (فوالله لو أني أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله تعالى في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ... إلخ) هذا لفظه أو معناه.

(١) سؤال: يقال: ما السر في إسرارهم للندامة وهم قد رأوا من الهول ما لا يستطيعون معه كتم تندمهم؟

الجواب: إسرارهم الندامة هو لما رأوه من أهوال العذاب وشدائده التي لم يكونوا يتوقعونها أي: أنهم بهتوا وتحيروا وألجمهم الهول فلم ينطقوا، وليس إسرارهم للندامة تجلداً أمام أهل الموقف وأنفة من أن يظهر عليهم الضعف والوهن والاستكانة.

(٢) سؤال: هل المراد بحكم الله بينهم حكمه فيهم وفي حالهم؟ أم المراد حكمه في أشياء تنازعوا فيها؟ =