سورة يونس
  الله سبحانه وتعالى فهم في الحقيقة لا يعبدون شركاء لله سبحانه وتعالى في الإلهية، وإنما يعبدون أحجاراً بعيدة كل البعد عن الإلهية.
  {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} وظنهم إلهيتها واستحقاقها العبادة ليس إلا أوهاماً لا حقيقة لها.
  {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ٦٦} أي: يكذبون في زعمهم إلهيتها.
  {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ٦٧} فمن هذه صفاته هو الذي يستحق أن يعبد، فمن حكمته أن جعل لكم الليل لترتاحوا فيه من عناء تعبكم في النهار ومشقته، وتهدأ أعصابكم وتناموا حتى لا يصبح النهار إلا وقد تجدد نشاطكم وزال تعبكم، ومن حكمته أن جعل لكم الضياء في النهار لتبصروا أعمالكم وأسباب معايشكم.
  فكيف يكون حالكم لو أن الوقت كان كله نهاراً؟ ومتى ستجدون وقتاً لراحتكم؟ وكذلك لو كان الوقت كله ليلاً كيف ستتدبرون أمور حياتكم وأسباب معايشكم؟ فانظروا وتدبروا في هذه الحكمة العجيبة التي تدل على أن من دبر هذا التدبير في غاية الحكمة والعلم والقدرة والتمكن.
  ويدل على رحمته بكم عندما سخر الليل والنهار لمصلحتكم.
  {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} قال المشركون: إن الملائكة بنات الله جل وعلا.
  {سُبْحَانَهُ} تعالى وتقدس عن اتخاذ الأولاد.
  {هُوَ الْغَنِيُّ} فليس محتاجاً إلى اتخاذ الولد.
= جعلنا «ما» في قوله: {وَمَا يَتَّبِعُ} استفهاماً لأجل التناسب أيصح ذلك أم لا؟
الجواب: الأولى في الإعراب أن تعرب «شركاء» مفعولاً به لـ «يتبع»، وأما مفعول «يدعون» فمحذوف لظهوره وعدم التباسه، و «ما» نافية. أما جواز غير هذا الإعراب فيجوز، وقد ذكروا غير هذا الإعراب كما في الكشاف وغيره، ولكن ما ذكرنا - كما ظهر لي - أولى لظهوره وسهولته ووضوح المعنى فيه.