محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يونس

صفحة 182 - الجزء 2

  {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ ٧٣} انظروا لعاقبتهم عندما كذبوا نبيهم، واعتبروا بهم لئلا يصيبكم ما أصابهم.

  {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} ثم إن البشر تكاثروا بعد أن أهلك الله سبحانه وتعالى قوم نوح ولم يبق إلا نوح ومن آمن معه، فتكاثروا على مرور الزمن، فأرسل الله سبحانه وتعالى لهم أنبياء، نبياً بعد نبي كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

  {فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} وكل نبي جاء قومه بآيات بينات تدل على أنه رسول من عند الله.

  {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}⁣(⁣١) أخبر الله سبحانه وتعالى أن طبيعة الأمم واحدة وعلى طريقة واحدة هي التكذيب بالرسل ورد دعوتهم.

  {كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ٧٤} من شدة عنادهم وتمردهم أصبحت قلوبهم كالمطبوع والمختوم عليها؛ فلا ينفذ إليها الإيمان أبداً، وهذا كناية عن استحالة إيمانهم.

  ثم بعث الله تعالى موسى وهارون @ وقد بعث الله تعالى قبلهما أنبياء كثيرين لا يعلمهم إلا الله، وهذا معنى قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا} أرسل الله تعالى موسى وهارون @ إلى فرعون بآيات تدل على أنهما مرسلان من عنده.

  {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ٧٥} فلم يؤمنوا واستكبروا عن الإيمان مع أنهم قد عرفوا أن هذه الآيات صادقة من عند الله، وأن موسى نبي من عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن عادتهم كانت الإجرام والتمرد والعصيان.


(١) سؤال: يقال: ما الوجه في إسناده تعالى تكذيب المتقدمين إلى المتأخرين؟

الجواب: القصد في هذا الخبر أن طبائع مكذبي الرسل طبائع متحدة وعلى سنة واحدة قال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ٢٣}⁣[الزخرف].