سورة هود
  يقنط من رحمة الله سبحانه وتعالى، ويصيبه اليأس، وينقطع أمله، ويكون ساخطاً من ذلك أشد السخط، بخلاف المؤمن فإذا فات عليه شيء أو حلت به كارثة أو مصيبة فلا ينقطع رجاؤه في الله سبحانه وتعالى، ويكون واثقاً بالله سبحانه وتعالى كل الثقة وأنه سيخلفه خيراً مما فات عليه ويعوضه من عنده، ويحتسب أجر ذلك عند الله سبحانه وتعالى في الآخرة فتطمئن عند ذلك نفسه ويهدأ باله، وأما الكافر فلا يشعر بهذا الشعور ويصيبه اليأس والاضطراب.
  {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ(١) بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ١٠} وإذا أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بعد شدائد قد أصابته فلا يشكر الله سبحانه وتعالى على ذلك، بل يكون فرحه بطراً وعصياناً لله تعالى، ويذهب في اللهو واللعب وفعل القبائح والمنكرات، ويتكبر ويتعالى على الناس ويترفع عليهم.
  والفَرِح هو: فاعل المعاصي والمنكرات والقبائح، والفخور هو: المتكبر المتعالي على الناس.
  {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١١} استثنى الله سبحانه وتعالى في هذه الآية المؤمنين الصابرين، فأخبر بأن حال(٢) الخير والشر عندهم سواء فهم راضون بما قسمه الله سبحانه وتعالى لهم، فإن هو أنعم عليهم قابلوا نعمته بالشكر والتواضع، وإن أصابهم بالشر احتسبوا ذلك عنده،
(١) سؤال: يقال: ما نوع الاسم «نعماء»؟
الجواب: «نعماء» اسم مصدر أي اسم للنعمة، ومثله السراء والضراء، فهما اسمان للمسرة والمضرة.
(٢) سؤال: من أين نستفيد أن المراد الإخبار عن حالة المؤمنين في حالة الخير والشر؟
الجواب: يستفاد ذلك من الاستثناء: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فإنه استثناء من عموم الإنسان الكفور في حالة الضراء، والفرح الفخور في حالة النعماء.