سورة هود
  {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} ولا حظ لهم ولا نصيب في الآخرة، وإنما يساقون إلى النار وبئس المصير.
  {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٦} وحبط ما عملوه في الدنيا من أعمال البر(١) فلن ينالوا ثوابه مع كفرهم وشركهم وتكذيبهم بالله سبحانه وتعالى، وهو ما كانوا يفعلونه من مكارم الأخلاق نحو: إكرام الضيف، وحسن الجوار، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وصلة الأرحام، وكانت العرب تتحالف على ذلك فيما بينها، وقد كان هناك حلف الفضول تحالفت عليه عدة قبائل من قريش في مكة على ألا يأتي إليهم مظلوم إلا نصروه، وتعاهدوا وتحالفوا عليه.
  وقد أخبر النبي ÷ أنه لو دعي إلى مثل حلف الفضول لأجاب(٢)، فدل
= {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ ٤٦}[المرسلات]، {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ٢٠}[الإسراء]، {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}[آل عمران: ١٩٧]، وقد يحرمهم الله تعالى خير الدنيا، ويسلبهم متاعها، وينزل بهم الخزي بسبب التكذيب للرسل والسعي في رد دعوتهم، كما ذكر الله في سورة التوبة عن الكافرين والمنافقين، وعلى هذا فالجمع بين الآيتين من الجمع بين العام والخاص، أي: أن الله تعالى يعطيهم ثواب الدنيا، وقد يعاقبهم بذهاب أموالهم إذا أسرفوا وتمردوا وحاربوا دعوة الله ودعوة رسله À، فإذهاب الله تعالى وإحباطه لأعمالهم الدنيوية هو حالة استثنائية.
(١) سؤال: يقال: ظاهر الآية السابقة {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ} أنهم يعطون على أعمال البر عطاءات في الدنيا تشبه الجزاء فكيف؟
الجواب: قد تضمن الجواب السابق الجواب على هذا. والمراد بإحباط الله لأعمال البر هنا هو عدم استحقاقهم لثوابها في الآخرة.
(٢) سؤال: وإذا قيل بأن في ذلك إعانة للكفار فكيف؟ وهل يجوز ولو كان في ذلك تغرير؟ وما هو الضابط في التغرير وعدمه؟
الجواب: التعاون على إقامة حق وإماتة باطل أمر مطلوب في الإسلام، ويستدل لذلك بأدلة =