محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 207 - الجزء 2

  {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} من قبل القرآن كتاب موسى الذي هو التوراة رحمة للناس يهتدون بهديه.

  {أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} الذين اهتدوا⁣(⁣١) بالتوراة وعملوا بما جاء فيها فهم مؤمنون بالقرآن، ومصدقون به؛ لأنه قد ورد ذكره في كتابهم، وقد عرفوا ذلك.

  {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} من يكفر بالقرآن من الفرق المتحزبة ضد النبي ÷ من قريش وغيرهم فمصيره نار جهنم خالداً فيها أبداً.

  {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ والمؤمنين وأعلمهم بأن القرآن الحكيم حق منزل من عند الله، وما ترونه أيها المؤمنون من كثرة المكذبين ليس لشكهم فيه ولا لارتيابهم في آياته ومصداقيته، فتكذيبهم ليس إلا لتمردهم على الله وفسوقهم عن أمره وتعاليهم على الله فلا ترتابوا أيها المؤمنون.

  {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ١٧} واعلم أنه كلام الله سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكن الكفر والجحود طبيعة البشر منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى أولاد آدم إلا القليل منهم.

  {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا أحد أظلم من أولئك الذين يختلقون الكذب والافترآت، ويقولون: إن الله حرم هذا وأحل هذا من عند أنفسهم، فقد بلغوا الغاية والنهاية في الكفر والضلال.


(١) سؤال: يقال: لم يسبق للمهتدين ذكر حتى يشار إليهم بـ «أولئك» فكيف؟ وهل يصح أن يجعل إشارة لمن كان على بينة من ربه؟

الجواب: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} هو رسول الله ÷ وهو مفرد، وهذا على تفسيرنا، فلا يصح عود الإشارة إليه إلا على تأويل؛ لذلك اخترنا عود الإشارة إلى ما أفاده قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} فإن كونه إماماً يدل على المؤتمين به والمتبعين له، وإيمانهم بالقرآن دليل على صحة القرآن وحجة واضحة على صدقه: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ١٩٧}⁣[الشعراء].