سورة هود
  وتعالى أنها لن تنصرهم من دونه.
  {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ}(١) يضاعف الله تعالى العذاب لهؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله.
  {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ٢٠}(٢) وسبب مضاعفة العذاب لهم أنهم كانوا لا يستطيعون أن يستمعوا لآيات الله سبحانه وتعالى وبيناته ولا لنبيه، ولا يبصرون الهدى الذي كان يدلهم على طريقه النبي ÷ فهم كالصم البكم العمي؛ وقد كان النبي ÷ يسمعهم الهدى ويبصرهم الحق، ولكنهم لم يكونوا يسمعون ولا يبصرون، وكان دأبهم العناد والتمرد والكفر وسفاهة العقول والاستكبار.
  {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} فهؤلاء الذين ذكرنا صفاتهم هم الذين قد خسروا أنفسهم في جهنم، وذلك هو الخسران المبين.
  {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ٢١} ضاعت عنهم يوم القيامة تلك الأصنام والمعبودات من دون الله سبحانه وتعالى التي كانوا يدعون أنها ستنصرهم وستدفع عنهم.
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٣} ثم أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال المؤمنين، وما سيلاقونه
(١) سؤال: ما السر في فصل هذه الجملة عما قبلها؟
الجواب: فصلت هذه الجملة لأنها مستأنفة استئنافاً بيانياً، أي واقعة في جواب سؤال مقدر.
(٢) سؤال: يقال: كيف عبر الله عن عدم استماعهم بعدم استطاعتهم للسمع؟ وكيف نرد على المجبرة إذا استدلوا بها على نفي الاستطاعة؟
الجواب: عبر الله تعالى بعدم استطاعتهم للسمع كناية عن كراهتهم لدعوة الأنبياء واستثقالهم لسماعها. ويمكننا أن نقول للمجبرة: إن الله تعالى جعل للكفار أسماعاً وأبصاراً وأفئدة يسمعون ما يقال لهم، ويبصرون ما يفتحون أعينهم عليه، و ... إلخ، والذي لا يستطيع السماع هو الأصم، وليسوا صماً ولا عمياً، وإلا لسقط عنهم التكليف بالتكاليف السمعية.