سورة هود
  {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ٢٦} إن بقيتم على عبادة الأصنام فإني خائف ومشفق عليكم أن يحل بكم عذاب يستأصلكم ويبيدكم، وقد جئت لأستنقذكم من عذاب الله وسخطه الذي أوشك أن يحل بكم.
  {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} وهم أشراف قومه وكبراؤهم، وذلك لأن البقية يكونون تبعاً لهم ولما قالوه.
  {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} فلست نبياً كما تزعم ولست إلا بشراً من جنسنا، ظناً منهم أنه لا يصح أن يكون النبي من البشر، ولا بد أن يكون من غير جنسهم قالوا ذلك تعنتاً وتمرداً وإلا فقد جاءهم نبيهم نوح # بما يدل على نبوته.
  {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}(١) ولم يصدقك ويتبع دعوتك إلا أولئك الأراذل وحثالة القوم الذين استجابوا لك من دون نظر أو تروٍّ أو تفكير، استنقاصاً بهم واستحقاراً لهم(٢)، وليسوا من أهل العقول الراجحة والرأي حتى نصدقك، بل إن ذلك يدل على أنك كذاب، ولست نبياً من عند الله سبحانه وتعالى وإلا لما اتبعك هؤلاء الأراذل.
  {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ٢٧} فلست إلا بشراً مثلنا غير زائد علينا في شيء، فلماذا نتبعك ونصدق أنك نبي؟
(١) سؤال: ما إعراب: {بَادِيَ الرَّأْيِ}؟ وما هو العامل فيه؟
الجواب: «بادي الرأي» أي: أول الرأي فهو ظرف مكان منصوب وعامله: {اتَّبَعَكَ} أي: اتبعوك في أول الرأي أي من غير نظر وتفكير.
(٢) سؤال: يقال: إذا قالوا ذلك استنقاصاً فما الوجه في التعبير بضمير الجمع «وما نرى لكم» بعد ضمير الإفراد «وما نراك»؟
الجواب: عبروا بضمير المفرد أولاً لأن الخطاب كان مع نوح # وحده، ثم عبروا بضمير الجمع ثانياً لأن الخطاب كان لنوح # وأتباعه الذين كان يدعي نوح # لهم أنهم الفريق الصالح الذي حاز الفضل والشرف في الدنيا والآخرة؛ لذلك خوطبوا بضمير الجمع: {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} كما تدعون.