محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 212 - الجزء 2

  وفي الحقيقة لم يكن هذا إلا كبراً منهم؛ لأنهم قد عرفوا أنه صادق، وأنه قد جاءهم بالحق، وبما فيه نجاتهم.

  {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} أخبروني كيف لو كنت على بينة واضحة وحجة قاطعة تدل على أنه قد تفضل علي، وجعلني نبياً، وأرسلني إليكم. والمراد بالرحمة: النبوة والرسالة.

  {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} ولم تعرفوا هذه الحجة، وأما أنا فاعلموا أني قد علمت بذلك.

  {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ٢٨} أأكرهكم على أن تقبلوا ذلك وتؤمنوا بهذه الحجة الواضحة مكرهين، فقد أخبرتكم بأني رسول إليكم من عند ربي، وجئتكم بما يدل على ذلك وهذا هو الذي يلزمني تجاهكم؛ فإن شئتم قبلتم، وإن شئتم رفضتم.

  {وَيَا قَوْمِ} يخاطب نوح # قومه معاتباً لهم في عدم اتباعهم له قائلاً: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} فلا أريد منكم أجراً في تبليغي إليكم فأجري على ذلك من عند الله سبحانه وتعالى.

  {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}⁣(⁣١) كان كبار قومه وزعماء قبيلته اشترطوا عليه أن يبعد عنه الأراذل في زعمهم ممن آمن به وسوف يتبعونه، ويستمعون إليه، ولكنه أجاب عليهم بالنفي، وأنه لن يطردهم من عنده؛ لأنه سيسأل عن ذلك أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.


(١) سؤال: ما وجه التعبير بـ: {إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} مع أنه على ظاهر السياق كان الأولى أن يقول: إني ملاق ربي؟

الجواب: المراد إنهم ملاقو ربهم فينتصف لهم ممن ظلمهم، فالمظلوم يوم القيامة يسأل أولاً عما لحقه من الظلم ثم بعد ذلك يسأل الظالم، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩}⁣[التكوير].