محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 213 - الجزء 2

  {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ٢٩} ولو كنتم تريدون الحق كما تزعمون لما احتجتم إلى ذلك، ولكنكم من أهل العناد والتمرد على الله سبحانه وتعالى.

  {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٣٠} من يدفع عني عذاب الله سبحانه وتعالى وسخطه إن طردتهم وأخرجتهم؛ لأن ذلك جريمة عظيمة سيحاسبني ربي عليها ويعذبني.

  {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا⁣(⁣١) أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ}⁣(⁣٢) عندما ادعى نوح # الرسالة والنبوة استنكر عليه قومه ظناً منهم أنه لا يصح ذلك، وأنه لا بد لأجل ذلك أن تكون عنده خزائن الله من الذهب والفضة والأموال، أو يعلم الغيب، أو يكون من الملائكة؛ فأخبرهم بأنه ليس معه شيء من ذلك، ومع ذلك فهو نبي من عند الله سبحانه وتعالى.

  {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} ولن أقول إن هؤلاء الذين آمنوا بي ممن تحتقرونهم لن يثيبهم الله سبحانه وتعالى، ولن يدخلهم


(١) سؤال: هل قوله: {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} معطوف على قوله: {أَقُولُ} أم على مفعول «أقول»؟

الجواب: {وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} جملة معطوفة على جملة: {وَلَا أَقُولُ} إذ لو عطف: «ولا أعلم الغيب» على مفعول «أقول» لصار التقدير: ولا أقول لكم لا أعلم الغيب. وما ذكرناه من الإعراب أولى مما ذكره الزمخشري؛ لما ذكرنا من الإشكال، ولما فيه من التناسب من عطف الفعلية على الفعلية.

(٢) سؤال: من أين نستدل من هذه الآية: {وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} على أن الملائكة أفضل من الأنبياء؟

الجواب: نستدل بهذه الآية على أن الملائكة أفضل من الأنبياء من حيث إنه لا يحسن أن يقول القائل: «أنا لا أدعي أني ملك» أو نحوها إلا إذا كان يعتقد أن الملك أعلى وأشرف، وهذا مع قول قوم نوح: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} لاعتقادهم أن رسل الله لا يكونون إلا ملائكة لا بشراً، وقولهم هذا يفيد أن الملائكة أفضل من البشر فأقرهم نوح # على هذا المعتقد ولم ينكر عليهم.