محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 214 - الجزء 2

  الجنة، وكانوا يظنون أنه لن يدخل الجنة إلا الأشراف والكبار، ويعتقدون أنهم لشرفهم في الدنيا وتعاليهم فيها هم الذين يستحقون ثواب الله وكرامته دون الأراذل وأهل الضعف والمسكنة.

  {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ} فهو عالم ومطلع على ضمائر هؤلاء الذين تحتقرونهم، وبما يحملونه من الإيمان في قلوبهم، وسيثيبهم على ذلك.

  {إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ٣١}⁣(⁣١) لو استمعت إليكم وطردتهم.

  {قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ٣٢} قد أكثرت علينا يا نوح فلن نؤمن لك، ولن نصدقك مهما فعلت فادع الله أن يعجل علينا بعذابه هذا الذي تدعي أنه سينزله بنا.

  {قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ٣٣} فليس بيدي تعذيبكم فهو الذي سيعذبكم إن أراد ولستم بمعجزين له، ولن تستطيعوا أن تدفعوا عن أنفسكم عذابه إن نزل بكم، أو أن تفروا منه.

  {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٣٤}⁣(⁣٢) فإذا حق عليكم عذاب الله سبحانه


(١) سؤال: هل يصح أن يكون هذا جواباً على قوله: {وَلَا أَقُولُ ... وَلَا أَقُولُ ..} إلخ؟ أم أنه جواب على الطرد فقط؟

الجواب: هو جواب للطرد فقط؛ لاتصاله به، ولمناسبة الصيغة: {لَمِنَ الظَّالِمِينَ ٣١} للطرد، ولأنهم لم يطلبوا منه إلا الطرد.

(٢) سؤال: يقال: ظاهر الآية أن الله يريد إغواءهم، وأنه لا ينفع النصح معهم، وهو عين مذهب المجبرة، فكيف توجه الآية مع التدليل على ذلك حفظكم الله؟

الجواب: يوجه قوله تعالى: {إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ...} على:

١ - إن كان الله يريد أن يهلككم بعذابه، ومنه قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ٥٩}⁣[مريم].

٢ - إن كان الله يريد أن يترككم في غيكم وفيما أنتم عليه من الكبر والكفر والضلال؛ لأن النصح =