سورة هود
  {وَوَحْيِنَا} وأخبره الله سبحانه وتعالى بأنه سيرسل إليه(١) من يعلمه كيفية صناعتها بمنتهى الدقة.
  {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ٣٧} ولا تراجعني في شأن قومك فقد حق عليهم العذاب، وحان وقت نزوله بهم، وكأن الله سبحانه وتعالى قد علم بأن نوحاً # سيدعوه أن يمهلهم، ويؤخر نزول عذابه بهم طمعاً في إيمانهم وشفقة عليهم، بالرغم من أنه قد مكث يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً؛ فأخبره الله سبحانه وتعالى بأنه قد بلغ الكتاب أجله، وأنه لن ينفع مراجعته في شأنهم.
  {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} خلال عمله كان كل من مر عليه من قومه يسخر منه ويستهزئ به زاعماً أنه مجنون؛ فكيف يصنع سفينة في وسط الصحراء؟! وصناعة السفن إنما تكون على شواطئ البحار.
  {قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ٣٨} إن كنتم تسخرون من عملنا هذا فإنا أيضاً نسخر منكم لكفركم بالله سبحانه وتعالى وبآياته.
  {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ٣٩} كانوا يقولون إن نوحاً قد خرج عن الحق، وعن دين آبائه وأجداده، وأن الأصنام سوف تنتقم منه جزاءً على ما يفعله؛ فرد عليهم بأنهم سوف يعلمون من الذي خرج عن الحق عندما يرون نزول العذاب بهم في الدنيا قبل عذاب الآخرة، ولا زالوا على هذا المنوال مدة صناعته للسفينة.
  {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ}(٢) أعلم الله تعالى نوحاً بأن علامة حلول
(١) سؤال: هل يعني ملكاً من الملائكة أم ماذا؟
الجواب: قد يكون الوحي بواسطة ملك من الملائكة أو بواسطة الرؤيا: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ٥١}[الشورى].
(٢) سؤال: هل المراد بالتنور ما هو معروف عندنا اليوم بتنور الخبز؟ وهل المراد تنور نوح أم الجنس؟
الجواب: الظاهر أن المراد تنور الخبز، أي: تنور نوح التي في بيته.