سورة هود
  {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٥١} ولست أطلب أجر تعبي إلا من الله سبحانه وتعالى.
  فإن قيل: وما الفائدة في الأجرة حتى أن كل نبي يدعو قومه يقرن دعوته بذكر الأجرة عند معاتبتهم في عدم الاستجابة؟
  قلنا ذلك؛ لأن من لا يطلب الأجرة على التعليم تكون النفوس في العادة إليه أميل ممن كان على خلافه، وتكون أقرب إلى تصديقه من ذلك الذي يطلبها.
  {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} وتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى من الشرك وذنوبه وارجعوا إليه.
  {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} أخبرهم نبيهم هود # بأنهم إذا رجعوا إلى الله سبحانه وتعالى واستغفروه - فسيثيبهم في الدنيا قبل الآخرة بأن ينزل عليهم الأمطار بركات من السماء، وهذا من المجاز المرسل من باب تسمية الشيء باسم مكانه.
  {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} وكانت عاد أهل قوة وبسطة في الأجسام زائدة على من كان قبلهم من الأمم، فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنهم إذا تابوا واستغفروا فسيزيدهم أيضاً قوة في أجسادهم فوق قوتهم التي هم عليها.
  {وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ٥٢} ولا تعرضوا عن دعوتي لكم التي هي دعوة الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك جريمة كبيرة سيعذبكم عليها.
  {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ} نفى قوم هود البينة والدليل على صدق نبوته مع أنه كان قد أتاهم بالبينات والحجج التي تشهد بصدقه، ونفيهم ذلك لم يكن إلا تمرداً وعناداً، وإلا فقد عرفوا صدق نبوته.
  {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ(١) قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ٥٣} فاقطع
(١) سؤال: فضلاً ما معنى «عن» هنا لغة؟ وكيف يكون حل السياق تبعاً لذلك المعنى؟
الجواب: معناها المجاوزة ولم يذكر البصريون لها سوى هذا المعنى. وقد ذكر لها في هذه الآية معنى التعليل أي: ما نحن بتاركي آلهتنا لأجل قولك، وهذا المعنى قريب من معنى المجاوزة.