محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 223 - الجزء 2

  طمعك في إيماننا، فلن نترك آلهتنا حتى ولو جئتنا بالبينات والحجج، ولن نصدقك أبداً، فلا تتعب نفسك في ذلك.

  {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} يزعم قومه أن آلهتهم قد أصابته بالجنون عقاباً له، وأنه أصبح يهذي كالمجانين.

  {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ٥٤ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ ٥٥} فاشهدوا جميعاً يا قومي أني أشهد الله سبحانه وتعالى أني كافر بآلهتكم وبرئ منها فلتصنع بي ما شاءت، فاجتمعوا أنتم وآلهتكم، وافعلوا ما بدا لكم، واجهدوا جهدكم في إلحاق الضرر والأذى بي، ولا تمهلوني لحظة واحدة.

  {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} فأنا متوكل على الله سبحانه وتعالى، وواثق به وبنصره، وما دام معي فلن يصل إليّ كيدكم.

  {مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} فقد توكلت على الإله الذي بيده نواصي كل دابة وكل شيء تحت قبضته وقدرته، والأخذ بالناصية كناية عن السيطرة والقدرة والتمكن من الشيء.

  {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٦}⁣(⁣١) فأنا على الدين الحق الذي هداني إليه ربي.

  {فَإِنْ تَوَلَّوْا} فإن تعرضوا عن دعوتي وتكذبوا بها، {فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} فقد أديت مهمتي التي كلفني ربي وهي تبليغكم طريق الحق، وطريق نجاتكم، قبلتم أم لم تقبلوا.


(١) سؤال: قد يقال: لا زالت هذه الآية مبهمة، فكينونة الباري تعالى على الصراط المستقيم غير مفهومة؟ أم أنها مشتملة على حذف أم ماذا؟

الجواب: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٦} أي: على فعل الحق والعدل فيجازي كل ظالم الجزاء العادل الحق لا يفوته ظالم، ولا يضيع عنده محسن، وإرساله للرسل حق وعدل وشرائعه حق وعدل، وأفعاله كلها مبنية على الحق والعدل والحكمة والرحمة فهذا معنى الآية: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٥٦}.