سورة هود
  كلفني به ربي من تبليغ رسالته حيث اختارني برحمته لتبليغها إليكم ثم تمردت عليه وتركت تبليغها فمن هو الذي يدفع عني عذابه.
  {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ٦٣}(١) فما أزداد إلا يأساً من تكذيبكم وحسرة لعدم إيمانكم واستجابتكم.
  {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}(٢) آية دالة على صدق نبوتي، وذلك أنه أخرج لهم ناقة من الجبل؛ لأنهم كانوا قد سألوه فقالوا: إن كنت صادقاً فأخرج لنا من هذا الجبل ناقة نراها أمام أعيننا، فإن فعلت ذلك صدقناك واتبعناك.
  {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ٦٤} وعندما خرجت هذه الناقة أخبرهم أن لها يوماً ويوماً لهم في الشرب والمرعى، وجعل لها حصة مثل حصتهم جميعاً مما يدل على كبر حجمها وعظمها، وقد قيل: إنها كانت تسقيهم جميعاً ما يكفيهم من لبنها، وأمرهم بأن يتركوها ترعى(٣)، ولا يعترضوا لها أو يمنعوها أو يمسوها بسوء؛ فإن فعلوا فسيعذبهم الله سبحانه وتعالى.
(١) سؤال: وهل يصح أن تحمل الآية أنهم لا يزيدونه إلا خسارة وضياعاً إن عصى ربه أم لا؟
الجواب: ظاهر الآية أن ثمود زادوا نبيهم صالحاً تخسيراً، فالتخسير واقع على نبي الله صالح ~، والتخسير الواقع عليه من قومه: هو أن دعوته لم تؤثر فيهم ولم ينتفعوا بها فكأنهم ضيعوا دعوته ومواعظه لهم.
(٢) سؤال: فضلاً ما إعراب: {لَكُمْ آيَةً}؟ وما الوجه في انتصاب {آيَةً}؟
الجواب: «لكم» خبر ثان أو حال، وآية: حال، وكلاهما من ناقة، والعامل اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل.
(٣) سؤال: هل الإباحة لأكل هذه الناقة في جميع المأكولات لها ولو من أملاكهم الخاصة أم المراد من المراعي التي خارج أملاكهم ومزارعهم؟
الجواب: المراد المراعي التي خارج أملاكهم الخاصة ومزارعهم لظاهر قوله: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}.