سورة هود
  يسيراً حتى أقبل إليهم بذبيحة محنوذة ليأكلوا، وهذه هي عادة الكرام عند إقبال الغريب عليهم.
  {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ}(١) استنكر عليهم عندما رآهم لا يأكلون.
  {وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}(٢) خاف عندما رأى منهم ذلك، وعلم في نفسه أنهم ملائكة، وأنهم قد جاءوا لأمر جلل، إما للعذاب أو نحوه، وكان هذا هو سبب خوفه.
  {قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ٧٠} طمأنوه بأنهم لم يريدوا منه ولا من قومه غرضاً، وأنهم مرسلون إلى قوم لوط ليعذبوهم.
  {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} كانت قريبة منهم وتسمع محاورتهم، وتبشير إبراهيم بمولود فاستبشرت(٣) وضحكت مما سمعت.
  وقد قيل: إن معنى ضحكت حاضت، وأنها علامة على أنها ستحمل وتلد؛ لأنها كانت قد أسنت وكبرت، وقد انقطع حيضها.
  {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ٧١} أخبروها بمولود سيكون نبياً واسمه إسحاق، وأنه سيولد لإسحاق نبي أيضاً واسمه يعقوب.
(١) سؤال: هل الفعل «نَكِرَ» مثل «استنكر»؟ وما هو السر في استخدامه دون الثاني؟
الجواب: قالوا: إن نكر وأنكر واستنكر بمعنى، ولعل اختيار «نكر» هنا لقلة حروفه أي لكونه أوجز.
(٢) سؤال: هل معنى أوجس: أحس، ولماذا قال: {خِيفَةً} دون: خوفاً؟
الجواب: أوجس بمعنى أحس أو أدرك. وقال خيفة دون خوفاً لأنه أراد نوعاً من الخوف.
(٣) سؤال: يقال: ظاهر قوله «فبشرناها» أن الضحك قبل التبشير لدلالة الفاء، فكيف؟
الجواب: قال تعالى في سورة الذاريات: {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ٢٨ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ٢٩}، وفي سورة الحجر: {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ٥٣}؛ لذلك يحمل التبشير لها في هذه الآية بعد تبشيرهم لإبراهيم # الذي كانت قد سمعته، إلا أنهم لم يكتفوا بذلك بل قدموا لها البشرى خاصة، والله أعلم.