محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 231 - الجزء 2

  هذه هي البشرى التي بشروا بها نبي الله إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حين جاءوا إليه وهم في طريقهم إلى قرى قوم لوط ليستأصلوهم.

  وكان مولد إسماعيل قبل إسحاق، وذلك أن إسماعيل بعد مولده هاجر به أبوه إبراهيم مع أمه إلى مكة بأمر من الله سبحانه وتعالى ليعيشوا هنالك، وبعدما عاد إلى الشام ولد له إسحاق.

  وقد سكن إسماعيل في مكة مع أمه واستوطن فيها، وكانت أرض قفر لا ماء فيها ولا حياة، ولم يكن معهما إلا الله سبحانه وتعالى برعايته، ولم تكن الكعبة قد عمرت وبنيت، وإنما كان مكانها أحجار مطروحة كعلامة عليها.

  {قَالَتْ يَاوَيْلَتَى ءَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ٧٢} قالت قولها ذلك وهي متعجبة⁣(⁣١) كيف تلد وقد شاخت هي وزوجها، وقد تجاوزت سن الحمل والولادة.

  {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} استنكرت الملائكة عليها حين تعجبت وهي تعلم أن الله على كل شيء قدير.

  {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ٧٣} سيدخلكم الله سبحانه وتعالى في رحمته⁣(⁣٢) وسيبارك في ذرياتكم بأولاد أنبياء ينتفع الناس بهم، وسيؤتيكم الله سبحانه وتعالى الكتاب والحكمة والعلم.


(١) سؤال: قد يقال: إنها ضحكت مستبشرة لهذه البشرى فكيف قالت: {يَاوَيْلَتَى

الجواب: كان ضحكها للاستبشار والتعجب، فلا تنافي إذا تعجبت واستغربت وتساءلت كيف تلد وهي عجوز لا يلد مثلها وزوجها شيخ كبير، وتساؤلها هذا كتساؤل نبي الله زكريا #: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ٨}⁣[مريم]، قال هذا بعد أن سأل الله تعالى أن يرزقه ولداً، وبعد أن بشره الله بولد اسمه يحيى.

(٢) سؤال: يقال: من أين نفهم أن قولهم: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ...} وعد بأنه سيدخلهم في رحمته وسيبارك ... إلخ؟

الجواب: نفهم ذلك من الجملة الاسمية: {رَحْمَةُ اللَّهِ ...} الدالة على الثبوت والدوام.