سورة هود
  الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية عن حال علماء الأمم السابقة بأنهم كانوا لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر.
  وأولو البقية(١) هم العلماء وحملة الدين، وقد استثنى الله سبحانه وتعالى القليل منهم فهم على خلاف من ذكر.
  ولو كانوا ينهون عن المنكر لاستمر الهدى والصلاح في الناس، ولما انخرطوا في الفساد والمعاصي والكفر.
  {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ١١٦} أخبر الله سبحانه وتعالى عن كبار القوم وأثريائهم ووجهائهم بأنهم يتبعون زينة الحياة الدنيا والترف واللهو في الباطل، وأخبر أن فعلهم هذا جريمة يستحقون عليها العذاب.
  {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ١١٧} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يعذب أهل قرية فعلوا المعاصي وبينهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وما فعله بأولئك القوم الذين كذبوا أنبياءهم فإنما كان حين أطبق أهل تلك القرى جميعاً على الظلم والفساد والمنكر.
  {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بأنه لو شاء لجعل البشر جميعاً على دين واحد، ولأجبرهم على الهدى جميعاً، ولكن مشيئته لم تقتض ذلك، وإنما أوكل ذلك إلى اختيار البشر ومشيئتهم، وذلك لما يترتب على ذلك من الثواب والعقاب، إذ لو كان ذلك جبراً وإكراهاً لما استحقوا ثواباً ولا عقاباً؛ لأن الثواب لا يكون إلا على الأعمال الاختيارية.
  {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ١١٨} ولا بد أن يقع الاختلاف فيما بين الناس.
(١) سؤال: هل لتسميتهم بـ «أولي بقية» علة، فما هي؟
الجواب: الأصل في تسميتهم «أولي بقية» أن الرجل يستبقي الأفضل مما ينفقه ويخرجه لحرصه عليه وشدة رغبته فيه أي: أولو فضل ورشد وصلاح.