محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة هود

صفحة 250 - الجزء 2

  {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} وهم أهل الحق أخبر الله سبحانه وتعالى أنه لا يقع الاختلاف فيما بينهم.

  {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} أي: لأجل الاختلاف، والمراد به التكليف والاختيار⁣(⁣١)؛ لأنه الذي يؤدي إلى الاختلاف، فما داموا مختارين فلا بد أن يقع الاختلاف فيما بينهم؛ لأنه لا بد أن ينقسم الناس ويختار كل منهم طريقاً غير طريق الآخر.

  {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١١٩} فقد سبق في علمه أن أناساً سيختارون الكفر، ويموتون عليه، وأنه لن يكون كذلك إلا إذا خلاهم واختيارهم، وأنه لو كان الإيمان والكفر فعل الله سبحانه وتعالى لبطل التكليف، ولكان ظلماً أن يدخلهم النار، ولكانت التكاليف عبثاً، قال تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد]، فقد خلق الإنسان وجعله مختاراً وأخبره بطريق الخير وطريق الشر، يختار أيهما شاء، فإن سلك طريق الخير استحق الجنة، وإن سلك طريق الشر أدخله النار.

  {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ⁣(⁣٢) مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} الغرض من قص الله سبحانه وتعالى لنبيه ÷ أخبار الأنبياء، وما لاقوه من أممهم - أن يقوي عزيمة نبيه ÷، ويثبت قلبه، ويشد من عزيمته؛ فإنه إذا عرف ÷ ما جرى


(١) سؤال: وهل يصح أن تعود الإشارة إلى الرحمة؟ ولماذا؟

الجواب: ويصح أن تعود الإشارة إلى الرحمة بدليل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات]، وعبادة الله تعالى هي باب رحمة الله، مع أن ما ذكرنا من التفسير لا يتنافى مع هذا فإن المعنى أن الله خلق الناس للتكليف والاختبار، والتكليف والاختبار هو الطريق إلى رحمة الله، وهذا هو المراد في التفسير.

(٢) سؤال: ما إعراب: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ

الجواب: تعرب «كلاً» مفعولاً به مقدماً لـ «نقص» أي: كل نبأ نقص عليك. ويجوز أن تعرب مفعولاً مطلقاً أي: كل قصص نقص عليك.