محاضرات رمضانية في تقريب معاني الآيات القرآنية،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

سورة يوسف

صفحة 254 - الجزء 2

  وقد اقتضت حكمته أن تكون يا يوسف موضع حملها.

  {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ٧} سألوا النبي ÷ عن قصة يوسف وما جرى عليه؛ فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ÷ بأنه سيقصها عليه، وأخبره أن فيها دروساً وعبراً عظيمة لمن عرفها واعتبر بما فيها.

  {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٨} كان إخوة يوسف # يتشاورون فيما بينهم في شأن يوسف وأخيه، وحب أبيهم الزائد لهما، وكانا على أم، وبقية الإخوة على أم، وكانوا عشرة إخوة قد بلغوا مبالغ الرجال، بينما يوسف وأخوه لا زالا صغيرين، فحسدهما إخوتهما لما يرونه من حب أبيهما الزائد لهما، وقالوا: كيف يؤثرهما علينا، ونحن الذين نتحمل مسؤولية أبينا، ونتصدى لمشاكله، وكل الأمور تُعْصَبُ بنا، فنحن أحق منهما بحب أبينا، واتهموا أباهم بأنه بعمله هذا قد أخطأ في حقهم، وأساء إليهم إساءة كبيرة، وحكموا عليه بالضلال بسبب ذلك، وهم يعلمون أن هذا الأمر من الأمور الجبلية التي لا يلام المرء عليها؛ لأن ميول القلب ليس تحت سيطرة المرء لأنه أمر خارج عن إرادته وقدرته.

  فما دام الأمر هكذا فما ذنب يعقوب إن مال إلى حب يوسف أكثر من بقية إخوته، والشيء الذي يلام المرء عليه إنما هو عندما يفضل المرء أحد أبنائه في العطاء ونحوه، وهذا الشيء لم يكن من نبي الله يعقوب.

  {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} بعد أن تحاوروا في شأن يوسف - توصلوا إلى أنه لا حل لمشكلتهم هذه إلا أن يقتلوه، أو يخرجوه إلى أرض بعيدة⁣(⁣١) يضيع فيها عن أبيه.


(١) سؤال: من أين نفهم هذا؟

الجواب: يفهم من قوله: {أَرْضًا} فإنه لا يتم خلو وجه يعقوب # لأولاده الكبار إلا إذا أبعدوه عن أبيه بعداً لا يتأتى منه أن يصل خبره إلى يعقوب #.