سورة يوسف
  وكان قد علم أنهم لم يقتلوه، ولكنه لم يعرف ما فعلتهم تلك التي فعلوها به.
  {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ}(١) ثم أخبرنا الله سبحانه وتعالى كيف تم إخراج يوسف وإنقاذه، وأن رجلاً من المسافرين جاء يستقي لأهل القافلة ماءً.
  {قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} فأخرج الدلو من البئر؛ فإذا بداخله غلام قد تشبث به.
  {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً(٢) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ١٩} وكان إخوة يوسف على مقربة من البئر يراقبون ماذا سيجري، فما إن استخرج هؤلاء القوم أخاهم حتى حضروا مدعين أنه غلام آبق عليهم، وأنهم يبحثون عنه، وأن عادته الهرب، وقد عزموا على بيعه، وقد خاف يوسف على نفسه من القتل إن أخبرهم بحقيقة الأمر، وكان عزمهم على بيعه خفية لئلا يفتضحوا وينكشف أمرهم عند أبيهم يعقوب، ولكن الله سبحانه وتعالى مطلع على أعمالهم هذه، وسيجازيهم عليها.
  {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ٢٠} باعوه من أهل القافلة وقبلوا فيه أقل الأثمان؛ لأنهم يريدون أن يتخلصوا منه بأي طريقة، وأما هؤلاء الذين اشتروه فقد باعوه في مصر من عزيزها (الوزير).
  {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ
(١) سؤال: أين كانت هذه البئر؟ ومن أين جاءت هذه السيارة؟
الجواب: كانت هذه البئر على طريق المسافرين إلى مصر من بلاد الشام.
(٢) سؤال: ما إعراب: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً}؟ وما المعنى المطابق لهذا الإعراب؟ وهل يصح أن يحمل {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} على الوارد أنه أخفاه عن بقية القافلة؟
الجواب: «أسروه»: فعل وفاعل ومفعول به، و «بضاعة» حال أي: أخفوه متاعاً للتجارة، وقد فسروا فاعل الإخفاء بإخوة يوسف وبالوارد، وهو محتمل للوجهين، إلا أنه ترجح لي أن الذين أسروه بضاعة هم إخوة يوسف لقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ١٩}، فإنه مناسب أي: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ١٩} لأن يراد به إخوة يوسف لكثرة ما عملوا بيوسف من الأعمال الظالمة.