سورة يوسف
  نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} كان عزيز مصر هذا عقيماً لا ينجب، وقد ألقى الله في قلبه حب هذا الغلام حباً شديداً؛ فاستبشر بهذا الغلام وفرح، فأوصى زوجته أن تعتني به، وأن تحسن تربيته ليكون ولداً لهم.
  {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} أخبر الله سبحانه وتعالى أنه قد أراد ليوسف المكانة العظيمة، وأن هذه بدايتها، فقد هيأ له عزيز مصر ليعيش حياة الملوك، ويكون له المكانة العليا.
  {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}(١) وقد هيأ الله سبحانه وتعالى له ذلك، وأراد أن يمكنه في الأرض؛ لأجل أمر عظيم قد أراده له من النبوة والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وليعلمه تأويل الأحلام وتفسيرها التي هي من خصائص الأنبياء.
  {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ(٢) وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٢١} فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أمراً هيأ له أسبابه، وقد أراد إخوته أن يضيعوه، ولكن أمر الله وإرادته فوق مشيئتهم، وقد دبر الله سبحانه وتعالى له هذا التدبير ليدفع عنه شرهم وأذاهم، وقد علم أنه لو مكث بينهم لما سلم من شرهم ومكايدهم، فجعل له في مكرهم هذا المصلحة والخير الكثير.
  {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ٢٢} أخبر الله
(١) سؤال: علام عطف قوله: {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}؟
الجواب: هو معطوف على محذوف أي: مكنا له في الأرض لأمور عظيمة ولنعلمه من تأويل ... ، أي: ليحمل علم آبائه ويخلفهم في النبوة، وليدعو الناس إلى الدين الحق و ... إلخ.
(٢) سؤال: إلامَ يعود الضمير في قوله: {أَمْرِهِ}؟ وما المراد بالأمر؟
الجواب: يعود الضمير إلى الله، وأمر الله تعالى هو حفظ يوسف وإعلاء شأنه ورفع قدره، واختصاصه بالنبوة والكتاب وتأويل الأحاديث والتمكين له في الأرض، فهذا هو أمر الله الذي أراده ليوسف، وقد حاول إخوته أن لا يكون ذلك أبداً، فخيب الله مسعاهم، فلم يستطيعوا أن يحولوا بين يوسف وبين ما أراده الله تعالى له من الكرامة والرفعة.