سورة يوسف
  سبحانه وتعالى أن يوسف لما بلغ مبالغ الرجال، واكتمل عقله ولعل ذلك بعد أن بلغ أربعين سنة؛ لأن العقل في هذه المرحلة يكون في كامل قواه، ويصبح عنده مدارك لجميع الأمور، وتقديرٌ لكل المواقف، ويكون قد اكتسب الخبرة، وخاض في تجارب الحياة، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أعطاه النبوة عندما بلغ هذا السن، وزاده من العلم والحكمة، وأن عطاءه هذا يكون للمحسنين من خلقه، يعطيهم إياه في الدنيا جزاءً على إخلاصهم له، وإحسانهم إليه، وهذا ثواب الدنيا غير ما أعده لهم من ثواب الآخرة.
  {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} يحكي الله سبحانه وتعالى كيف أن يوسف # استحق ما أعطاه من النبوة والعلم والحكمة، وكيف استطاع أن يقمع هوى نفسه، ويكبح جماحها، ويقهر غريزته الشهوانية، وقد صفي الجو له مع امرأة العزيز، وأصبحا وحديهما لا يعلم بخلوتهما أحد.
  ومعنى المراودة: الطلب والتمحُّل للجماع، مِن: رَادَ يَرُود إذا جاء وذهب لطلب شيء.
  {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}(١) والأبواب مغلقة عليهما، وقد تزينت، ولبست أفخر ثياب الزينة، وطلبت منه أن يقضي وطره فيها، وهيأت نفسها له، فرد عليها: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ(٢) إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} فأجابها بالرفض لما تطلب منه، واستعاذ بالله من ذلك، واستنكر على نفسه كيف يخون سيده(٣)، ومالك أمره، وولي
(١) سؤال: ما أصل كلمة {هَيْتَ}؟ وما معناها؟
الجواب: {هَيْتَ} اسم فعل أمر بمعنى أسرع وفيها ضمير الفاعل مثل: «صه» و «مه»، وهو لازم لا يتعدى إلى مفعول به، وقيل: إن {هَيْتَ} اسم فعل ماض بمعنى: تهيأت لك.
(٢) سؤال: ما إعراب: {مَعَاذَ اللَّهِ}؟ وما أصله؟
الجواب: {مَعَاذَ اللَّهِ} مفعول مطلق لفعل محذوف وجوباً أي: أعوذ بالله معاذاً، ومعاذ أحد مصادر عاذ يعوذ عوذاً ومعاذاً وعوذة وعياذة وعياذاً، ومعنى أعوذ بالله: أعتصم به وأمتنع.
(٣) سؤال: يقال: لم يسبق للسيد ذكر فإلامَ يعود الضمير في «إنه»؟
الجواب: عندما راودته امرأة العزيز وصممت على أن يواقعها حضر في ذهنه # إحسان =